شكلت لي رواية "سيرة الشيخ نور الدين"، للدكتور أحمد شمس الدين الحجاجي مفاجأة سارة ورشفة من الماء العذب البارد الصافي. فأنا من محبي الروايات العربية والمترجمة. لكن الرواية العربية في الفترة الأخيرة غرقت في الجنس، وحتى لو لم يكن الجنس هدفها، فقد تضمنت كما هائلا منه، مما أصابني بالقرف والتقزز فامتنعت في العام الأخير عن شراء الروايات –تقريبا-.
هذه الرواية تحكي عن الأيام الأخيرة في حياة شيخ من الأقصر، اكتسب المشيخة بالوراثة والدراسة، واكتسب معها التقاليد العربية الإسلامية للصعيد، فصار بطلا جمع المجد والشرف والقوة والحكمة والعلم، مما مكنه أن يظهر الجوانب المدهشة للحياة حين يحكمها الإسلام.
اكتسب الشيخ قوته من صدق ومتانة علاقته بالله، فقد كان يناجي الله سبحانه وتعالى في كل حال، في الغضب والرضا، في الشدة والرخاء، في العسر، وفي أقصى حالات الاسترخاء والتعرض للغواية. وقد تمسك بأمرين نال بهما رضا الله والناس، العفة والزهد في المال، رغم أنه كان رجلا عاديًا يخالط الناس.
واكتسب احترام الناس له بسبب قوته ومهارته في السباحة والتحطيب (لعبة الضرب بالعصا الغليظة) والفروسية والمرماح (المثاقفة أو المواجهة بالحراب الخشبية الطويلة فوق ظهر الحصان). وكان حتى أواخر أيامه يقفز فوق الحصان كشاب في العشرين وينطلق به بما يحسنه غيره، وإذا أمسك أحدًا شده أو عصره بقوة غير متوقعة.
الكتاب: التجربة النهضوية الألمانية: كيف تغلبت ألمانيا على معوقات النهضة؟
المؤلف: د. عبد الجليل أميم وآخرون
الناشر: مركز نماء للبحوث والدراسات
عدد الصفحات: 255 ص
يتناول هذا العمل التجربة النهضوية الألمانية بالبحث والتدبر من باب أهم العوائق والمشكلات التي واجهتها وكيف تجاوزتها حتى تبلور هذا الأنموذج التنموي الناجح، ولعل التجربة الألمانية قد ألهمت عددًا من الكتّاب والباحثين فتناولوها بالدراسة والتمحيص؛ لأنها مثال لدولةٍ انتقلت من وضع الهزيمة والتقسيم والتحطيم الذي تسبّبت فيه الحروب إلى دولة قوية ذات اقتصاد متطور، وتضطلع بدور قيادي على مستوى أوروبا. لكن أغلبهم ركز على الشق الاقتصادي فقط في حين أن هذا الكتاب يعالج نجاحاتٍ ألمانية على المستوى السياسي والعلمي والثقافي بشيء من التفصيل.
الكتاب: معضلات العدالة الانتقالية في التحول من دول شمولية الى دول ديمقراطية.
المؤلف: نويل كالهون.
المترجم: ضفاف شربا.
دار النشر: الشبكة العربية للأبحاث والنشر.
تاريخ الإصدار: 2014
حاولت الكاتبة سبر أغوار المعضلات التي واجهت دول أوروبا الشرقية وروسيا في مسعاها لإقامة العدل في سياق الانتقال الديمقراطي وقد أفرد نصيبًا من الدراسة لثلاث حالات هي بولندا وألمانيا وروسيا.
"خرافة الإلحاد" أحد أبرز الكتب التي صدرت مؤخرًا (ط 1، دار الشروق، القاهرة، 1435 ه – 2014م) لمؤلفه الدكتور/ عمرو شريف، أستاذ الجراحة العامة. ولا أبالغ إن قلت إنه كتاب مهم للغاية في مجال مناقشة قضية الإلحاد نقاشًا يستند إلى الدليل العلمي، والمحاججة المنطقية، والاستدلالات العقلانية متوغلاً بعمق إلى جوهر قضية الإلحاد من خلال التوسط بين أكبر الفلاسفة والعلماء في مختلف المجالات المعرفية والعلمية.
ذاك التناقض الجاذب هو أول ما يشدك في هذا الديوان. التناقض بين الحصان الجامح الذي يتصدّر غلاف الديوان، بكل ما يحمله من معاني الأقدام والحركة والاندفاع، وبين عنوان الديوان "الانتظار" بكل ما يحمله من سكون واسترخاء وترقب قلق. ولعل هذا التناقض يلخّص طبيعة الأدباء بشكل عام، والشعراء بشكل خاص، حيث تكون المزاجية، والتمازج بين النقائض، والقلق جزءا من طبيعتهم التي لولاها لما آتى الإبداع.
لطالما عرفنا الشاعر عبد الرحمن العوضي شاعرا غنائيا أو (إنشاديا إذا جاز التعبير)، فهو من كتب كلمات مقدمات أغاني بعض المسلسلات التاريخية كمسلسل "الحسن والحسين" ومسلسل "خالد بن الوليد" في جزئه الثاني، وبرنامج "العذراء والمسيح"، بالإضافة إلى أناشيد ذائعة الصيت مثل "تفاءلت" و"احموا رسول الله". وها هو العوضي أخيرا –وبعد انتظار- يصدر ديوانه الأول "الانتظار".
عن المؤلف:
د. إيمون باتلر مدير معهد آدم سميث، وحاصل على درجات جامعية في علم الاقتصاد والفلسفة وعلم النفس من جامعة سانت أندروز. عمل لحساب مجلس النواب في الولايات المتحدة، ودرَّس الفلسفة في كلية هيلزديل كولدج، بميشيجان، ثم عاد إلى المملكة المتحدة للمساعدة في إنشاء معهد آدم سميث في أواخر السبعينيات. وقد ألف كتبًا عن اقتصاديين أمثال ميلتون فريدمان، ولودفيج فون ميزس وإف إيه هايك، إضافة إلى كتب تمهيدية عن فون ميزس وآدم سميث لمعهد الشئون الاقتصادية. له إسهامات كثيرة في الإعلام المقروء والمرئي والمسموع على غرار "أفضل كتاب عن السوق"، و"الحالة الفاسدة لبريطانيا"، و"البيان البديل" قدرًا كبيرًا من الأهمية. [1]
يرى باتلر أن المدرسة النمساوية هي "نهج لعلم الاقتصاد نشأ في فيينا في سبعينيات القرن التاسع عشر". وهي تنتقد بشدة الاتجاهات الاقتصادية السائدة حديثًا، لأنها تعتقد بأن كل الأحداث الاقتصادية تنبع من قيم الأفراد المعنيين واختياراتهم وظروفهم في وقت الاختيار. وتعتقد أن جمهور علماء الاقتصاد مخطئون عند محاولة البحث عن صلات إحصائية بين الظواهر الاقتصادية، إذ أن منهج هذه المدرسة مبني على الفرد والقيمة بما يوفر تفسيرًا أفضل للأحداث الاقتصادية؛ كفترات الانتعاش والكساد الاقتصاديين. ليست المدرسة النمساوية للاقتصاد مؤسسة تعليمية مقرها فيينا ومعنية باقتصاد النمسا ذاتها، بل هي منهج خاص في علم الاقتصاد ويعد أساسًا للاقتصاديين الذين يتبعونه في أرجاء العالم.[2]
المتأمل في مشهد الساحة الإبداعية الكويتية، يرى عدداً غير قليل من النتاج الروائي الشبابي. وهذا شيء يبعث على الفرح والتفاؤل. لكن عدداً قليلاً من هذه الكتابات يشير بوضوح إلى موهبة صاحبه، وإخلاصه في جهده، وجديته في التعامل مع مادته الروائية، ومؤكد أن رواية حياة الياقوت «كاللُّولُو» في طبعتها الأولى الصادرة 2012، تدخل ضمن هذا العدد القليل!
«كاللُّولُو» تلج عالماً قلما تناولته رواية كويتية، وأعني بذلك عالم الطفولة. طفولة السنوات الأولى، المتمثلة في مرحلة الدراسة في رياض الأطفال، وهي إذ تخوض في هذا العالم الغض المليء بالخيلات والأفكار الساحرة والعجيبة، فإنها تستحضر كل ما صاحب هذا العالم من تفاصيل الحياة الاجتماعية في الكويت، من خلال عيون الطفلة «خيال»، إبان أعوام منتصف السبعينيات من القرن الماضي وحتى الغزو الصدامي الآثم. ويبدو عالم الأسرة الكويتية بتفاصيله الحميمة الخلفية الأجمل في الرواية، مما يجعل من الرواية توثيقاً ذكياً وصادقاً لتفاصيل حياة اجتماعية غابت معظم مظاهرها عن يومنا الراهن.
قسّمت حياة الياقوت روايتها إلى خمسة أجزاء هي: غيوم جذلى تتبدد، ومرتفع ش/جوي، وغبار عالق، والرؤية متعذرة، وريح السموم، كما أنها قامت بتسمية المشاهد داخل كل قسم. وهي إذ تأخذ القارئ إلى مغامرات الرواية عبر وعي الطفلة خيال، فإنها تطعّم الرواية بخط آخر يتمثل في مقتطفات من «مذكرات بابا جاسم» وهي مقتطفات تسلط الضوء على الحدث الذي تعيشه الطفلة خيال، لكن من زاوية أخرى، بوعي مغاير ومتقدم ومنفتح على ما هو إنساني، مما أضاف بعداً اجتماعياً مهماً لأجواء الرواية، خاصة وأن مذكرات بابا جاسم كانت بمنزلة الكاميرا التي صوّرت وحفظت لنا جزءاً من ذاكرة المجتمع الكويتي، في حراكه الاجتماعي خلال تلك الفترة.
الرواية تأتي بنص متن، نص أساسي، هو حكاية الطفلة «خيال» مع المدرسة وفصول ومواد الدراسة وعلاقتها بزميلاتها ومدرِّساتها وكذلك أبيها وأمها وسر مرض أبيها، وشكّها الطفولي وهواجسها بعلاقة أبيها بالدكتورة استقلال أم زميلتها. كل هذا يأتي إلى جانب نص حاشية، نص مجاور يقدم رؤية وقناعات لشخصية ليس لها من ظهور في الرواية إلا كتاباتها التي أطلقت عليه الكاتبة «من مذكرات بابا جاسم»، وربما عُدَّ ذلك حسنة للرواية في انها تقدم عوالم إحدى الشخصيات من خلال كتاباتها.
الرواية مكتوبة بصيغة ضمير المتكلم، ومن المفترض أن المتكلمة هي الطفلة خيال، لكن بعد أن تعدّت العشرين من عمرها، وأصبحت دكتورة. والقارئ إذا يعايش مشاهد الرواية، يشعر أحياناً أن بعض المشاهد المكتوبة بعيون الطفلة تنمّ عن وعي متطور لا يتآتى لطفلة. مع العلم أن الرواية مكتوبة بحميمية كبيرة، وبتفاصيل طفولية تشمل ألعاب الأطفال وأسماءها وأهم ما يشغل بالهم حيال اللعبة، وكيف أن الألعاب تشكّل في مخيلة الطفل حياة أخرى لا تقل أهمية عن حياته الحقيقية. إضافة إلى نقطة مهمة، وهي أن كل المناسبات والأماكن مكتوبة كأقرب من تكون إلى الواقع، والواقع الكويتي تحديداً، وبما يوثق لفترة مهمة من فترات المجتمع الكويتي.
الكثير من الأعمال الكويتية الروائية الشبابية يغلب عليها الجملة الركيكة إن في صياغتها أو في مدلولها، لكن جمل «كاللولو» مسكوبة بشكل صحيح، ولو أن المنحى الديني الوعظي يظهر جلياً في بعضها، إلا أنه يُحسب لحياة الياقوت عشقها للغة وحرصها على كتابة جملة عربية صحيحة، بعيداً عن العامية وبعيداً عن الأخطاء النحوية البائسة!
رواية «كاللّولو» تبشر بميلاد كاتبة واعدة، لاسيما أن حياة الياقوت مهمومة بشأن الكتابة، وهي رئيسة تحرير دار ناشري الإلكترونية، أول دار نشر ومكتبة إلكترونية مجانية في الوطن العربي.
نشرت في جريدة الجريدة، عدد 19 نوفمبر 2013، صفحة 22.
الصفحة 5 من 13