اللسان و اللغة: من كتاب (Analyse sémiotique du discours: de l’énoncé à l’énonciation. ) التحليل السيميائي للخطاب: من الملفوظ إلى التلفّظ. لصاحبه (Joseph Courtès) جوزيف كورتيس.
اللسان و اللغة:
على خلاف الإنجليزية و الألمانية -مثلا- اللّتان تعتمدان على كلمة واحدة، و هي "Language" و "sprache" على التوالي، فإنّ الفرنسية تتميّز بقدرتها على استعمال كلمتين غير مترادفين تماما، و هما "لسان" (Langue) و "لغة" (Langage). و الواضح للمتكلّم الفرنسي العادي أنّ هاتان الكلمتان تستعملان -سياقيا- في الكلام الشفهي على أنّهما مترادفتان تماما. و لنقارن -على سبيل المثال- بين النماذج التالية: نعرف جيّدا إنّه بإمكاننا أن نصِف كل من اللغة و اللسان بالصفتين "شعبية" (populaire) و "منطوقة" (parlé(e))، و في مقابل ذلك، لا يمكننا أن نقول لسان حي بينما يمكننا أن نقول لغة حيّة، لهذا نجد إنّ للغة فلسفة خاصة لا يتوفّر عليها اللسان، تماما مثل ما هو الحال بالنسبة للإعلام الآلي الذي لا يحتاج إلى كلمة "لسان" بل يستعمل "معلومات الآلة" و "البرمجة". و بالطريقة نفسها نقول: إذا سلّمنا بوجود "لغة حيوانات"، فلا يمكننا أن نتحدّث عن "لسان الحيوانات"؛ ذلك أنّه من غير اللائق أن نتكلم عن "لسان النحل"، في حين تشكِّل عبارة "لغة النحل" مصطلحا سيميائيا مقبولا.
مقدمة حول الكاتب والكتاب: أثناء قراءة كتاب (دليل حول الإسلام) في نسخته المترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة الهولندية(1)، اكتشفت أن صاحبه يكتب عن الدين الإسلامي بطريقة قلما تحضر عند الكثير من المثقفين والمفكرين الغربيين المعاصرين، الذين صعد نجمهم فجأة في ميدان الدراسات الغربية التي تهتم بالإسلام؛ عقيدة وتاريخا وثقافة وأتباعا وغير ذلك، فعنت لي فكرة أن أحبر هذه الورقة عن هذا المثقف المغمور عربيا وإسلاميا،
بعد أن قطعت الشعرية العربية شوطا مهما،من خلال مرحلتين حاسمتين، تمثلت الأولى في جمع الشعر وتدوينه،وهو ما اصطلح عليه بعض النقاد ، (بالنقد التسجيلي) الذي روعيت فيه بعض المعايير،التي اشترطها أهل العلم واللغة،كونهم كانوا يهدفون إلى غاية عظمى ومشروع كبير في زمانهم ،ألا وهو حفظ اللغة العربية،وتلقفها من الذاكرة العربية البدوية التي بقيت كالنبع الصافي، والمورد العذب،وذلك بنقلها من الشفهية إلى الكتابة.
الكتاب: فجر الاستقلال في سوريا منعطف خطير في تاريخها – خواطر وذكريات محمد سهيل العشي
المؤلف: محمد سهيل العشي
الناشر: دار النفائس – الطبعة الأولى - بيروت 1999
كتاب فريد يندر أن تحظى بمثله، يجبرك أن تقرأه بتمعن حرفاً حرفاً ليس لأنه كتب بإيجاز وعناية فائقة فقط، بل لأنه ممتلئ بمعلومات غزيرة يعز الإطلاع عليها في غيره، ولا يقتصر على سرد ما مضى وإنما يعبر عن وجهة نظر ناضجة في أحداث شارك في صنعها ومواقف شهدها ويأتي بأفكار وخطط ما تزال غير مطروحة حتى اليوم.
أنا من عشاق قراءة التاريخ والحديث منه بصفة خاصة. لكن المؤرخين دأبوا على سرد وقائعه كمن يكدّس بضاعة في مخزن أو مجلدات في مكتبة. فهم على الأغلب يهتمّون بإبراز الحوادث الكبيرة كالحروب وسير الملوك وتغيير أنظمة الحكم وحدود الممالك. والقليل منهم كلف نفسه بالتعرض لحياة الناس الاجتماعية وتأثير الأحداث عليها، وعواطف الشعب وثقافته وعاداته والتزامه الديني.
لذلك سرعان ما هربت لقراءة السير والمذكرات حيث أنها تسهب في سرد الأحداث، وتتروى في شرح المشاعر الإنسانية، وتحيطنا بتفاصيل البيئة. وأقبلت على الارتشاف من هذه المؤلفات ولكنها أيضا لم تمنع الملل من التسرب إلى نفسي.
إلى أن طالعتني الكتب التي تمزج التاريخ بالسياسة والفكر كأمثال كتابات نعوم تشومسكي ويواخيم فرناو وكارل هاينتس دِشنر وتزفيتان تودوروف ومنير العكش، فوجدت دافعاً جديداً لاستئناف القراءة التاريخية حيث أنها تربط الماضي بالحاضر وترينا الجذور التاريخية للأعمال الهمجية الأمريكية.
الصفحة 7 من 13