الرئيس الأسود "أفضل الكتب مبيعاً وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز" هذه العبارة كتبت في الصفحة الأولى من كتاب"أحلام من أبي – قصة عِرْق وإرث" للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، وربما كتبت العبارة السابقة بتأثير الهالة التي تحيط به كرئيس قبل أن يكون كاتباً بارعاً يقع الكتاب في 505 صفحات من القطع الكبيرA4 بترجمة هبة مغربي وإيمان نجم، واللافت للنظر أن الكتاب بحجمه الكبير كحجم الدولة التي يقودها أوباما آنذاك وهي الولايات المتحدة الأمريكية قد اشترك في كتابته فضلا عن المؤلف صاحب القصة الحقيقية هناك أكثر من محرر عرج الرئيس على شكرهم في مقدمة الكتاب، وأكثر من مترجم واحد ومراج ع.وتم تقسيم الكتاب إلى ثلاثة أبواب قسمت بدورها إلى تسعة عشر فصلا متتالية يعتمد فيها أوباما أثناء تصوير مشاهداته على طريقة الخطف خلفاً كما يسميها الروائيون والسيناريست في كتاباتهم، فجاء الكتاب أشبه بفيلم أمريكي يروي حياة أوشكت على الانتهاء على لسان طفل صغير.
فن السرد، ركيزة هامة لمنظومة الثقافة العالمية والعربية، والمعبّر الصادق عن أنوائها ووقائعها العامة والخاصة، حتى صار من البدهي القول، أننا نحيا عصر الرواية، التي أصبح نموها لافتا، إن على مستوى التأليف أو النشر أو كثرة الجوائز المخصصة لهذا الفن المدهش.
كويتيا، يُلاحظ المتابع تنامي وازدهار السرد النسائي - إن جاز لنا هذا التوصيف – خلال العقدين الأخيرين.
قبل الدخول لأي نص على المتلقي أن يقف على عتباته، مستشرفا آفاقه التي تمنحه الخصوصية وتضيئ أركانه.
غلاف الرواية بخلفيته السوداء الذي تتناثر فوقه بقع من ألوان شتى يغلب عليها لون الدم، ومكتوبة حروفها بالأحمر واسم الكاتبة باللون الأبيض، بما يحمل كل لون من دلالات وإسقاطات وإحالات ، تمّثل فيه هاتيك البقع متعددة الشكل ودرجة اللون ، تبديدا للسواد الذي يحتل اللوحة زارعا بذور الأمل، مع بروز ووضوح الثاني من أغسطس/ آب، بما يشير إليه من مناسبة تُحيل لكل ما هو مؤلم، أما عنوان الرواية (كاللولو)، فمضمخ بإحالات كثيرة ليس أقلها النقاء والبراءة، والأمل الموشوم على حدقات الطفولة، الحالمة بكل ما هو ثمين ونفيس، مهما حاولت الأيام أن تهدم جُدر الحلم في طفولتنا، فإذا ما تقدمنا خطوة تجاه الإهداء -العتبة الهامة الأخرى- الذي يرشح إحساسا بالغربة وربما غياب الاهتمام، " أماه، لأن الحياة بك أجمل"، استشرفنا قسوة الحصار الذي يملأ على الكاتبة وجدانها، وهروبها من الآلام وقذارات الواقع تجاه حضن تلتمس فيه السكينة والملاذ والأمان.
يواصل ديفيد فنكينوس، عبر روايته "إنّي أتعافى" هوايته الأثيرة في التقاط التفاصيل ونسج حكايات كبيرة منها، فالروائي الفرنسي الذي كتب إحدى عشرة رواية ناجحة خلال السنوالأخيرة، والذي يستقرّ منذ عمله الأول ضمن قائمة أكثر الكتّاب الفرنسيين مبيعاً، أصبحت له ملامح كتابية بارزة لا يخطئها كل من قرأ له. إنّه في كل مرة يختار موضوعاً طريفاً ينطلق منه بكوميديا سوداء إلى مساحة من التأمل تلامس الروح بعذوبة لا تخلو من مسحة حزن شفيفة.
تبدأ حكاية "إنّي أتعافى" التي نقلها إلى العربية محمود المقداد، من اللحظة التي يشعر بها بطل الرواية، الذي لا نعرف اسمه حتى النهاية، بألم مقلق في الظهر ألمٍ زاره للمرة الأولى دونَ مقدمات على مائدة الطعام برفقة زوجته وصديقين. يعرف الرجل تماماً أنّه لم يبذل أيّ جهد بدني، وليس لديه تأريخ مع هذا الشعور، لتبدأ رحلة البحث المضنية عن التشخيص الصحيح مع خشية مفرطة من الوقوع في هوّة مرض خطير.
رغم أن هذا الكتاب قديم – طبعة 1987- الا أن أهميته تستدعي التعريف به حتى ونحن في الألفية الثالثة. الكتاب هو ترجمة لقصيدة البردة الشهيرة التي كتبها البوصيري مدحا في النبي صلى الله عليه و سلم ، لكن الطريف في هذه الترجمة هو أنها ترجمة بالشعر الإنجليزي الذي يلتزم بأقرب الأشكال الشعرية الإنجليزية إلى موسيقى الشعر العربي القديم و هو نظام التشطير التصريعي أو التصريع المسرحي heroic couplet و الذي كان يلتزمه شعراء الكلاسيكية الجديدة من أمثال الشاعر الكبير ألكسندر بوب. صاحبة هذه الترجمة هي ثريا مهدي علام و قام بمراجعتها الدكتور محمد مهدي علام. و الكتاب مكتوب بالإنجليزية و يقع في 173 صفحة من القطع الصغير 20x 15 و الناشر الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة 1987 الطبعة الأولى.
و المترجمة مصرية و لدت في القاهرة و قضت اثني عشرة عاما من طفولتها في انجلترا مع عائلتها ثم عادت إلى مصر في 1948 و التحقت بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب و تخرجت فيه بمرتبة الشرف. و قد كتبت العديد من القصائد بالإنجليزية في العديد من المجلات الأدبية كما حصلت على جائزة من السفارة الباكستانية عام 1982 لقصيدتها "محمد إقبال الأب الروحي لباكستان" في الاحتفال بذكرى ميلاد الشاعر الخامسة بعد المائة. كما حصلت على جائزة الدولة للترجمة 1986 عن ترجمة كتاب " أصداء الشعر العربي في النظم الإنجليزي".
صدر للكاتبة نوال السباعي كتاب بعنوان "مورا في مدريد". هذا الكتاب يحكي حكاية "غربة سورية" ضمن غربات متداخلة متراكبة، تمتد من دمشق مرورًا بغرناطة وصولاً إلى مدريد، ما بين عامي 1985 و1995م -أواخر القرن العشرين- بكل ملابسات الغربة -السياسية والثقافية والفكرية والأخلاقية والاجتماعية والدينية والإنسانية-، من خلال "بعض"ِ سيرةٍ ليست "ذاتية"، وإنما "سيرة جماعية"، لا حدود تفصل فيها بين الخاص والعام، تتشابك فيها السير والشخصيات والأحداث، تراوح ما بين الواقعي والتركيبي، لتنسج من وجهة نظر الكاتبة نبأ حياة شريحة هامة جدًا من المغتربين لم يتحدث باسمهم أو يكتب عنهم أحد.
الشاعر الفنان هو الذي يقف عند قصائد الآخرين ويتأملها ويتفاعل معها، ويقدم عنها تذوقه لقرائه الذين يحبهم ويحرص على تقديم أجود وأفضل قراءاته الشعرية لهم، والشاعر الفنان أيضا هو الذي لا تتضخم ذاته فلا يرى إلا نفسه ولا يستمع إلا لقصائده ولا يتذوق إلا شعره.
هكذا فعل الشاعر الفنان فاروق شوشة عندما انتقى "أحلى عشرين قصيدة حب في الشعر العربي" – من وجهة نظره – وقدمها معلقا عليها لمحبي ومتذوقي الشعر، ثم "أحلى عشرين قصيدة في الحب الإلهي"، وهكذا فعل الشاعر محمد إبراهيم أبوسنة في كتابه "قصائد لا تموت – مختارات ودراسات"، وهكذا فعل الشاعر علي أحمد سعيد (أدونيس) عندما قدم ديوان الشعر العربي عام 1964 وقبلهم قدم إبراهيم ناجي ترجمة رقيقة لبعض أشعار الشاعر الفرنسي شارل بودلير في "أزهار الشر".
وقد اختار الشاعر الفنان د. غازي القصيبي خمس قصائد أعجبته فقدمها في كتابه "قصائد أعجبتني" الذي أهداه إلى صديقه الشاعر البحريني إبراهيم العريض.
ولا يكتفي القصيبي باختياره للقصائد الخمس، وإنما حاول أن يعصرن بعض هذه القصائد، فيختار لها صفة ربما غير التي أرادها مبدعها، كأن يقول عن هذه القصيدة إنها القصيدة / المسرحية، أو تلك القصيدة إنها القصيدة / الفيلم، أو القصيدة / السيمفونية .. الخ.
إنه من خلال رؤيته أو تذوقه لهذه القصائد الخمس رأى أن العوالم الفنية الأخرى من السهل أو من الممكن تطبيقها على عوالم هذه القصائد التي قام باختيارها وانتقائها من وسط حدائق الشعر العربي قديمه وحديثه.
يبدو موضوع الكتاب غريبًا، فقد ماتت اللغة اللاتينية وانحصرت دراستها في مختصين قلائل. لكن ما كتب بتلك اللغة قد ترك أثرًا عميقًا في ثقافة الشعوب الأوروبية امتد حتى اليوم. ألا وهو الصورة السلبية للإسلام عامة ولرسول الله صلى الله عليه وسلم بخاصة، هذه الصورة المحفورة في وجدان كل غربي، والتي تشكِّل مواقفه من الدول والشعوب الإسلامية. ولذلك نحتاج أن نبيّن للغرب انطلاقًا من كتبه وثقافته ولسان علمائه أنه قد استقى معلوماته من مصدر متحيِّزٍ وغير عقلاني. كما نحتاج أن نعرّف المسلمين لماذا انطبعت هذه الصورة السلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغرب. وللإجابة على هذه الأسئلة، ولإضاءة زاوية معتمة في معرفتنا عن تاريخ ترجمة القرآن باللغة اللاتينية، كان هذا الكتاب.
هذا الكتاب يضع أمام القارئ ثلاثًا وأربعين من ترجمات القرآن الكريم باللغة اللاتينية، وُيعنى بشكل خاص بضبط عناوين الترجمات وأسماء كتّابها وأماكن وجود مخطوطاتها. ويعرض الكتاب لظروف كتابة هذه الترجمات، وتأثيرها، والأشخاص الذين شاركوا في ترجمتها وتصحيحها. كما يأتي الكتاب –كلما أمكن- بنماذج من الترجمات وصور لمخطوطاتها، وتعليق الباحثين والمهتمين بها.
الصفحة 4 من 13