لا شكّ و أنّه في عصر إنحسار القراءة و تدنّي سقف المقروئيّة بشكل مذهل في العالم العربي أصبحت الفضائيات العربية تشكّل عاملا بارزا في صناعة الرأي والتوجه الفكري والسياسي للمجتمع العربي , و أصبحت الملقي الوحيد على كمّ هائل من المتلقين بمختلف توجهاتهم ومستوياتهم , و إذا كانت القراءة في وقت سابق تشكّل الجسر الأساس نحو الوعي السياسي والثقافي وحتى الفهم الدقيق لتطورات المجتمع في تفاصيله كافة , فإنّ الفضائيات اليوم و التي دمجت بين الكلمة والصورة باتت المرجع الذي يصيغ الرؤية بإعتبار أنّ المعلومة هي المكوّن الذرّي للفكرة والرأي وقد أصبحت هذه المعلومة تأتي في الغالب عبر القنوات الفضائية
الشماتة بالموت والموتى ليست من شيم أرباب المروءات ولا من أخلاق العقلاء الأسوياء ,فللموت رهبته التي لا تتزعزع في النفوس التي تعي حقيقته وتقدر له قدره,وإذا لم يكن المقام والحال كذلك مقام شماتة أو تشفٍّ فهو بلا ريب مقام اعتبار واتعاظ ,وقد قيل قديما:كفى بالموت واعظا!. تلك توطئة لا مندوحة عنها إن رمنا أن نستشف درسا مفيدا من تلك الجريمة المروعة التي جرت وقائعها فجر الجمعة الماضية التي أسفرت صبيحتها عن مجزرة دامية راح ضحيتها المطربة التونسية ذكرى وزوجها الذي انتحر عقب قتلها وقتل مدير أعماله وزوجه ,وهي الجريمة التي صدمت بهولها الكثيرين ممن اطلعوا على تفصيلاتها الحزينة ودقائقها المخضبة بالدماء والأشلاء .
نجح الرئيس الموريتاني معاويّة ولد طايع في تمرير لعبته الإنتخابيّة متوجّا نفسه رئيسا بل ملكا غير معلن لموريتانيا التي يسيّر ولد طايع دفتها منذ أزيد من عقدين من الزمن , فبعد أن فقد كل رصيده السياسي في الشارع الموريتاني بسبب إفلاس مشروعه السياسي الذي لم يحققّ لموريتانيا غير التبعيّة و إرتفاع حدّة الديون , و بسبب علاقاته المشبوهة بالكيّان الصهيوني والتي ورغم المطالبة الجماهيريّة الموريتانية بضرورة وضع حدّ لها إلاّ أنّ النظام الرسمي الموريتاني مددّ فترة شهر العسل مع الكيان الصهيوني لفترات لاحقة مفتوحة وبدون حدّ زمني .
ماذا لو أعطى العرب كلهم وخاصة نحن الجزائريين -سلطة ومعارضة.. جيشا وشعبا- هذا الشهر الفضيل حقه، وتحولت عملية التقديس لـ "رمضان" إلى إلتزام حقيقي.. ووقع إنصهار عميق مع آداب هذا القادم الكريم، بعيدا عن أي مظلة، وبعيدا عن أي واجهة، أو لون، أو غطاء.. ماذا سيحدث؟
ليس كل مثقف يبرق ويرعد ويتقعر في الكلام وصَّافًا لعورات النظام العربي ،فهو بالضرورة صادقا فيما يقول .. فما أكثر المثقفين الذين كنا نحسبهم على الأنظمة العربية في الظاهر والشكل والكلام .. وهم في حقيقة الأمر مع هذه الأنظمة قلبا وقالبا.. بل يتقاضون مرتبا على شتمهم وإجهادهم الكبير من أجل خلق جو تنفيسي جماهيري تحبذه الجماهير الحانقة حقا على هذه الأنظمة العربية.ولا يكفي فقط أن نسمع أو نقرأ لمثقفين قذفت بهم الأقدار إلى مرتبة مخاطبة الناس بالقلم ،