تعددت المؤشرات والعوامل التي ساعدت إلى حد كبير في ظهور وانتشار جل مكونات المجتمع المدني بالمغرب إلا أن أبرزها هو المتجلي ثقافيًا في التنوع البشـري والثقافي والجغرافي الذي يطبع المغرب عبر مختلف مناطقه، وهو المؤشر الذي من شأنه أن يساعد على نشر الوعي الداعي إلى حماية المجتمع المدني، بشتى فعالياته وفي سائر مناحيه.
أ* التنوع الثقافي: وهو مفهوم يرتبط بعمق كيفي للظاهرة الثقافية الواحدة، حيث أن نفس البراديغم الثقافي يجد له التحققات والتجسيدات والتوصيفات المتعددة عبر مختلف مناطق وجهات المغرب، فالتنوع يرتبط أساسًا بالكنـه(Essence) لا بالكم. وهنا، فإن نجاح أي مشروع تنموي يرتبط بطبيعة الخصوصيات الثقافية للمجال أي مراعـاة التنوع الثقافي وعدم المجازفة باتخاذ خطوات قد لا تحظى بالرضى والقبول من طرف الفئات المستفيدة لتعيق في نهاية الأمر كل الآمال في بناء الغد المشرق للمجال الكائن. لهذا، لا يمكن تصريف المشاريع التنموية خاصة في التراب المحلي، إلا في سياق تناغم تام وإندغام كامل مع الخصوصيات الثقافية المبلورة لمجموع القيم الرمزية والتعابير المادية السائدة لدى الأفراد والجماعات، حيث أن مجموع هذه المضامين الثقافية المرتبطة بجدلية التمازج(Métissage) والتكامل والتفاعل والتداخل والالتقاء يحددها - كما يرى ذلك اللساني المغربي سعيد بنيس - نوعين من المنطق الثقافي: منطق غير منظم يتعايش مع الأفراد في حياتهم اليومية ومنطق منظم يؤطره فاعلون منضويون تحت هيئات مجتمعية مدنية لها تصورها الخاص للمشروع المجتمعي في شقه الثقافي (كالجمعيات الثقافية مثلاً).
ما أقربك يا نفسي وما أكثر حديثي معك. معي أنتِ كلّ لحظة، نهارًا وليلًا، تعرفين ما أعرف وتحسّين بما أحسّ، وأنسى كل هذا وأكذب عليكِ كأنك بعيدة منعزلة لا جزءًا مني! ولما أنتبه، أجعل كذبي ضرورة لتطويعك وأعتدّ به قوة لإخضاعكِ! ألوّن أمامك ضعفي وتردُّدي، وأتحايل لتقبلي سكوتي أمام الخطأ صبرًا، وجدلي في الصواب بصيرةً، ونفاقي صدقًا وتذلُّلي احترامًا! وبماذا أخذتِ تردّين على مغالطاتي وعلى إمعاني في إسكاتكِ بما ينقض الفطرة الأصيلة؟ خرجتِ يا نفسي من حصن العقل، وفارقتِ مجال الإحساس، وأغفلتِ علوم الذاكرة، ثم أقبلتِ تؤكّدين لي أن جهالتي حقائق، وأن ما أكرهه ويحوك في صدري إنما هو برّ واضح! رجعتِ تزيّنين لي أنني أحسن صنعًا في مواقفي كافة، تطمئنينني بأنني خير من يعامل الناس ويبدع في أعماله، وألا حاجة لي أن أراجعكِ ثانية واحدة ولا أنأستزيد علمًا. صرتِ يا نفسي سدًّا عميقًا يردّ نظري عن أساليبي، وحاجزًا خفيًّا يخرسني عن مصارحة أحبتي وخاصتي بخواطري وعن استشفاف ما يحبون وما لا يحبون وقبول آرائهم التي توافقني ولا توافقني!
حصل الباحث علي السلامة على درجة الماجستير في الفقه الإسلامي وأصوله بتقدير امتياز من كلية الشيخ نوح القضاة للشريعة والقانون بجامعة العلوم الإسلامية العالمية في المملكة الأردنية الهاشمية، وكانت دراسته في الماجستير على المسار الشامل، وكان بحث التخرج الذي قدمه الباحث علي السلامة بعنوان "دور الوقف في دعم التعليم ووسائل تطويره".
1. ملخص البحث:
يتلخص البحث ببيان مفهوم الوقف وأحكامه في الفقه الإسلامي، وتوضيح أثره البارز في دعم التعليم وطلاب العلم في الدول العربية، والدور الرائد الذي يلعبه في تنمية المجتمعات في مجال التعليم والتدريب منذ مشروعيته، ويعرض البحث نموذج ناجح للوقف التعليمي في أحد الدول العربية، كما يعرض نموذج ناجح لمؤسسة وقفية لإدارة الأوقاف حيث تساهم في دعم التعليم وطلاب العلم في الدول العربية، كما يعرض البحث أثر التجربة الغربية في إدارة الوقف التعليمي، ويؤكد البحث على ضرورة توعية المجتمع بشعيرة الوقف ودوره الهام في دعم التعليم لشرائح المجتمع عامة والفقراء خاصة، ويطرح البحث الأفكار الجديدة والآراء المنيرة لتطوير الوقف وتنميته وتحقيق أهدافه التي شُرع من أجلها.
اتسع منذ عام 1945 تحليل المنظمات اتساعا كبيرا، وتطورت مناهجه وطرائقه، كما انتشرت الدراسات المرتبطة بالمقاربة الوظيفية، وذلك من منظور أن الوظيفية La fonctionnalité تبرز كعلاقة بين المنظمة ومحيطها. وهي العلاقة ذاتها التي تترسخ أكثر في الأجواء الجماعية. ويحتل البحث المتعلق بالمنظمات 46 صفحة في الموسوعة الدولية الكبرى للسوسيولوجيا، المنشورة سنة 1968، ونجد فيها التعريف الآتي لمفهوم المنظمة حيث تنشأ هذه الأخيرة حينما تبرز الأصول الصريحة لتنسيق أنشطة مجموعة بذاتها؛ بغية تحقيق غايات محددة. ويرى موريس دوفيرجيه في كتابه "علم اجتماع السياسة" الصادر سنة 1991؛ أن ما نسميه أدوارا يرتبط "بالأصول الصريحة"، وترتيب الأدوار أوتنظيمها يرتبط بتنسيق هذه الأصول، أما "الغايات المحددة" لمجموعة معينة؛ فإنما تحدد ما نسميه "فئة من أعضاء الجماعة".
يقول الفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر في لقاء صحفي نادر معه: (أن الذي لا يهمني هو الذي يهمني) هذه الجملة البسيطة التي تجعل للمثقف الحق في أن يتدخل في كل شيء؛ لأن المثقف لا يمتلك سلطة فهو ليس كالسياسي الذي يمكنه استعمال كل الوسائل من أجل قضيته، فالمثقف في المجتمع الرأسمالي قد يناضل من أجل مجتمع مخالف لكل القيم الرأسمالية فقد يدعم الثورة الكوبية أو يدعم الثورة الجزائرية أو يدعم الثورة الفيتنامية؛ لأن المثقف لا يملك تلك السلطة التي تجعله يتمكن من مقاضاة الحكومات الظالمة، فهو يبقى في حالة متضامن، ومن حق كل المواطنين غير المنتمين السعيُ من أجل تحقيق العدالة؛ لأن كل القوانين التي تحكم العالم هي قوانين المنتصرين في الحرب العالمية، فهي تمثل عدالة المنتصر في الحرب الذي هدفه الإمبريالية والنصر في الحرب لا يعني العدالة. إن الذي يعتقد به سارتر يبدو للوهلة الأولى أمرًا لا يهم الأمة العربية التي تحولت الى دول متنوعة في أنظمة الحكم، لكنها في حقيقة الأمر هي عالم عربي كبير، يعمل فيه المثقف العربي بكل راحة ولا يفرض عليه جواز سفر، فقد تدخل النت وأنت المثقف الجزائري وتتصفح الجرائد المصرية وتقرأ صفحة الأحداث في مصر، وقد تتصفح الجرائد الأردنية وتقرأ مقالة عن جامعة أردنية يُعقد فيها ملتقى طلابيٌّ عن القضية الفلسطينية، وهذا يعني أن المثقف العربي قد يكون ذلك الشخص الذي يهتم بالأمور التي لا تهمه؛ لأن الإنسان العربي - إن جاز لي أن أسميه بهذا الاسم- قد لا يكون عربي الأصل لكن عربي الثقافة، وهو الشخص القادر على الكتابة باللغة العربية والتكلم بها؛ لأنه يجب عليّ أن أعترف بالأمازيغ والأكراد الذين يعيشون معنا في هذا العالم وهم يشاركون هذه الأمة العربية تحدياتها الحضارية تحت مسمى الانتماء إلى الحضارة العربية؛ لهذا فالإنسان العربي
في 21 مارس من كل عام نجد كثيراً من شباب وبنات المسلمين يقومون بمراسيم الاحتفال بما يسمى بــــــ (عيد الأم)، ظناً منهم أن ذلك فعلٌ يؤجرون عليه؛ لأن بر الوالدين من أفضل الأعمال عند الله تعالى، فيُحضر الشاب أو البنت لأمهاتهم الهدايا والورود والشموع والحلوى وغير ذلك، وربما يقومون بترتيب حفل عيد ميلاد، وتعلو وجوههم البهجة والسرور، وقلوبهم حسنة النية رغبة في الإحسان إلى أمهم التي أوصى الله تعالى بالإحسان إليها وللأب، فقال تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً " (الإسراء:23).
من الواضح أن تنظيمات المجتمع المدني لا يمكن أن تكون فاعلة في سياق عملية الإنتقال الديمقراطي؛ إلا في ظل بنية ثقافية تقوم على ترسيخ قيم ومبادئ الممارسة الديمقراطية. فمن أبرز أسس تطويـر المجتمع المدني وبعث الريادة والفعالية في نشاطاته نشر قيم المشاركة والمواطنة والانتماء في المجتمع. وفي هذا السياق تبرز أهمية الدور الذي يمكن أن تضطلع به المؤسسات الثقافية داخل السياقات المجتمعية المختلفة. إن نشر ثقافة المشاركة تمثل في واقع الأمر أهم الركائز المساهمة في بناء الديمقراطيـة، ليس فقط في المجالات العامة؛ بل أيضا داخل الأسرة والمدرسة، والنقابة والحزب ومجمل الأنماط السائدة والتنظيمات المترامية الأطراف.
الصفحة 12 من 78