المتأمل في فسيفساء الخارطة السياسية في الجزائر ،من أحزاب ذات مشرب ديمقراطي،وأخرى ذات مشرب وطني وإسلامي،ويحاول أن يجد للإخفاقات المتكررة التي رافقتهم مقابل تحكم السلطة في زمام القرار السياسي،والتوجهات الكبرى للبلاد يدرك مكمن الخلل ،ومربط العلة في أن المعارضة على اختلاف أطيافها لا ترقى إلى مستوى القوة التي تستطيع مناطحة الدور الريادي الذي تقوم به السلطة في كل مناسبة سياسية
إذا كانت بلا ريب هي القوة العظمى في العالم الآن بلا منازع، فإنه يحق لنا - معشر الضعفاء - التساؤل عن تركيبة الإكسير العجيب لتلك القوة المذهلة وسرها الخبيء! إنه يتكشف أمام ناظرينا هذه الأيام التي تشهد إسدال الستار على الفصل الأخير من الموقعة الانتخابية للفوز بمنصب رئيس الولايات المتحدة الأميركية، ولعل أبرز ملمح يميز هذه الانتخابات ذلك التنافس الشديد بين قطبيها: كيري وبوش، فقد ظلت استطلاعات الرأي تؤكد التقارب الكبير بينهما حتى اللحظة الأخيرة وبطريقة تضطر المراقب الى متابعة نتائج فرز الاصوات حتى النهاية، ولا يقتصر الابهار هنا على التقنية الديموقراطية النزيهة لسير عملية الانتخاب بشفافية وجلاء، فثمة جوانب أخرى جديرة بالمتابعة تتصل بمقومات الزعامة والصفات التي يكون بها الرئيس رئيساً، فالمناظرات التي كانت تجري بين المتنافسين وتبث حية عبر محطات التلفزة المتلفة تتيح لجمهور الناخبين التعرف على الطريقة التي يتعامل بها المرشح مع ما ينتظره من مشكلات وطموحات وقضايا على صعد سياسية واقتصادية واجتماعية، وهي تمثل ايضاً معياراً أميناً لقياس ما يتمتع به من حسن التصرف وحضور البديهة والذكاء المنجد في مواضع النقاش التفصيلي الدقيق.
ربما لا يجادل مثقف عربي في أن فهم أمريكا وبناء صورة أكثر دقة عن كيفية دوران آلتها السياسية الضخمة قد صار أكثر إلحاحا من أي وقت مضى وهذا الفهم هو البديل الذي تأخر الانحياز إليه كثيرا غرق فيها خطابنا السياسي والإعلامي في خطاب هجائي مسطح أغرق في ترديد المقولات التآمرية استسهال تفسر كل ما يسبق الانتخابات الأمريكية أو يصاحبها بأنه بمنطق "التفسير الانتخابي للتاريخ"، وكان هذا الخطاب كان يبدو في نظر الكثيرين كافيا لأن يوفر علينا عناء البحث عن إجابة يحملها ضمنا السؤال نفسه، فأمريكا ببساطة هي الشيطان!
ترى.. هل نغالي إذا قلنا: أن ما يقوم به شارون، عبر ما تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة، راهناً، هو عملية منهجية، مدروسة ومتصاعدة، لتدمير السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها، من أجل : منع، أو على الأقل: تأخير، قيام دولة فلسطينية مستقلة(؟!).
قطعاً، لا نغالي.. خاصة، إذا لاحظنا القرارين اللذين اتخذتهما الحكومة "الأمنية" الإسرائيلية، منذ أسابيع قليلة مضت.. فمن جهة، قررت تلك الحكومة الدفع بقوات عسكرية ـ جديدة ـ إلى قطاع غزة ومنطقتي وسط الضفة الغربية وشمالها، وتشديد عزل هذه المناطق، المحاصرة أصلاً.. هذا، قطعاً، بالإضافة إلى تلويح شارون الخاص بـ "طرد" الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، باعتبار أنه لم يعد مهماً لإسرائيل(هذا، قبل "الوعكة الصحية" التي ألمت بالرئيس عرفات، مؤخراً).
إسرائيل في أزمة . إنها أزمة كيانية لا تتعلق بمسألة الانسحاب من قطاع غزه وحسب بل تتعلق ايضا ، وفي الدرجة الأولى ، بمسألة تعطيل دور الدولة بل إكراهها على تعطيل دورها في الحياة العامة تحت ضغط الأحزاب الدينية والمستوطنين الذين يريدون تغليب الدين والشريعة الدينية على علمانية الدولة وقوانينها الوضعية .
من يتأمل فيما يطرحه المغرب حيال مسألة الصحراء الغربية" جبهة البوليزاريو" من مناوشات كلامية ،وتحركات ديبلوماسية رفيعة المستوى يفهم وكأن المشكلة بالدرجة الأولى جزائرية صرفة تخص الجزائر لوحدها.والمعلوم أن الصحراء الغربية منذ أن خرجت إلى الوجود في 1975 كقضية استعمارية تم مقايضتها مع الجانب المغربي من طرف أسبانيا.هي في المقام الأول مسألة تخص الصحراويين الذين لجأوا إلى الجزائر هروبا من الوضع الجديد المفروض عنوة من طرف الدولتين المغرب وأسبانيا.
يوحي ظاهر الصراع في الولايات المتحدة هذه الأيام بانه تنافسٌ حاد بين شخصين : جورج بوش وجون كيري . لكنه في واقع الامر صراع محموم بين أميركا المتدينة وأميركا العلمانية او ، كما يحلو للبعض ان يسميه ، بين أميركا المحافظة وأميركا الليبرالية .
منذ أربعين عاما وأميركا المحافظة ، يقول جورج ولّ المعلّق السياسي المعروف ، تنهض وتصعد .. واذا قيض لبوش ان يفوز مع إنبلاج خيوط فجر الثالث من تشرين الثاني / نوفمبر المقبل ، فان سبعة من مجموع عشرة إنتخابات رئاسية تكون قد إنتهت الى فوز مرشحين من كاليفورنيا الجنوبية وتكساس – جميعهم جمهوريون – في مقابل ثلاثة فاز فيها ديمقراطيون من ولايتي جورجيا واركانسو.