إنّ الليبيراليين الجدد قد أتقنوا بإحكام وبدقةّ في جلب المستعمر إلى بلادنا وأجازوا له أن يمارس الفساد السياسي و الثقافي و الإقتصادي و الأمني في بلادنا العربية و الإسلامية , وهم عاجزون عن تقديم أي مشروع ثقافي وفكري ينهض بهذه الأمة , بل هم في الوقت الذي يتبجحون فيه بالمشروع الديموقراطي يقبضون أموالا بالجملة والمفرّق من أعتى الدول الملكية و الديكتاتورية في العالم العربي والإسلامي .
قبل أن تظهر في الأفق جدية التوجه الأمريكي لتغيير النظام العراقي عبر عملية عسكرية وضع الخبراء الاستراتيجيون الصهاينة تصورا لمستقبل الجيش الصهيوني حتى العام 2010 تضمنت الخطوط العريضة لتغيرات في الرؤية الاستراتيجية والتدريب والتسليح لتصبح دليلا لبحوث التطوير التي ينفق عليها سنويا في المتوسط 500 مليون دولار. وتمثلت مرتكزات هذه الرؤية في: التوافق بين تطوير الأسلحة والمعدات وتطوير العقائد القتالية بربط المصمم والمستخدم حتى أدنى المستويات, وصولا إلى ديناميكية التأثير المتبادل بين تطوير الأسلحة وتطوير أساليب استخدامها. وتحقيق التوافق بين الفرد والمعدة برفع مستوى الفرد المقاتل، وتقديم الدعم الفني برفع مستوى الخدمة الفنية الصيانة والإصلاح لزيادة نسبة صلاحية الأسلحة والمعدات لأقصى قدر ممكن.
يكاد يختلف مراقبان على أن أشياء يجري إعدادها في الكواليس فيما يخص الصراع العربي الصهيوني، ليس فقط في ضوء وفاة عرفات المثيرة للجدل والتجاذبات الظاهرة للعيان داخل المنظمات الفلسطينية لإعادة هيكلة الأوضاع في حقبة ما بعد عرفات، بل لعل الأكثر خطورة ما يجري تسريبه – عمدا – منذ أشهر عن تفاهمات ووثائق ومشاريع تسوية ومواقف تتبدل على الجانبين العربي والإسرائيلي. ولعلها المرة الأولى في تاريخ الصراع العربي الصهيوني التي تجد فيها أطراف الصراع كافة أن استمرار حالة الصراع مستحيلة وأن التسوية أكثر استحالة. وتلك هي المعضلة الحقيقية.
لا أحد داخل الجزائر وخارجها ينكر بأنّ الفتنة العمياء التي ألمّت بالجزائر قد كلفّتها خسائر مذهلة ليس على الصعيد المادي فحسب بل في كل المستويات .
و ربمّا يحتاج الباحثون إلى كثير من الوقت لإحصاء حجم ما لحق بالجزائر جرّاء الأزمة الأمنية والسياسية التي عصفت بها في العشرية الماضية .
وإذا كانت هذه مسلمّة لا أحد يستطيع أن يقفز عليها , فإنّ هناك مسلمّة أخرى تفيد أنّ جزائر اليوم غير الجزائر البارحة و أنّ هناك تغيّرا ملحوظا بل وجذريّا في التطورات السياسية في الجزائر بإتجاه الحلحلة السياسية الكاملة , و بإتجّاه عودة الميّاه إلى مجاريها في هذا البلد الذي يحوي على مقدرّات رهيبة قد يؤدّي إستغلالها الإستغلال الحسن إلى إحداث المعجزة في بلد المليون و النصف مليون شهيد .
حينما تحاول ان تضع يدك على الاسباب التي تقف خلف تردي اوضاعنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية فإن سوء التخطيط سيقدم نفسه لك بوصفه أحد ابرز الاسباب واكثرها حضورا ان لم يكن ابرزها على الاطلاق, ومع اقرار الجميع - رؤساء ومرؤوسين وحكاما ومحكومين - بأن غياب التخطيط يمثل عائقا خطيرا يحول دون تحقيق التطور والتنمية في بلادنا إلا ان ذلك لا يغير من الواقع الكئيب شيئا، ففي العديد من دول العالم الثالث وزارات وهىئات مختصة بشؤون التخطيط ووضع السياسات المستقبلية للبلاد، مما يعني ان هناك وعيا عاما بأهمية التخطيط ودوره في بناء المجتمعات، وهو ما يستدعي التأمل في الآليات التي يتم عبرها تطبيق التخطيط، وباختصار فإن تحقيق التخطيط بحاجة الى تخطيط دقيق!,
ثمة مؤشرات عديدة توحي بأن الخريطة "الجغراسية" (الجغرا سياسية)، بالمنطقة، دخلت طور التغيير بشكل لم يحدث منذ عقود، وأن التحالفات والعلاقات في ما بين بلدان المنطقة، وما بينها، وبين دول العالم، تشهد تغيراً واسعاً يمكن اعتبار بعض أبعاده جذرية.. فما هي حقيقة ما يحدث: أهو حالة طارئة لا تلبث أن تزول؛ أم أنه حقا إعادة صياغة لنظام سياسي جديد أوسع مدى مما يتصوره الكثيرون(؟!).
لعل مفاصل هذا التغير كثيرة، ومتشعبة، ومتنامية في مواقعها الجغرافية، ومتباعدة في التوجهات السياسية التقليدية للاعبين فيها.
كنت ذات يوم على موعد هام مع شخصية حملت على كاهلها قضية أمة وإنتقلت على إثر ذلك من بلاد إلى بلاد ومن مدينة إلى أخرى تجر خلفها بقايا حلم العودة إلى الوطن وبعض فتات الأمل في تحرير البلاد ، ذاقت هذه الشخصية ويلات الخوف والمطاردة وتلقت الكثير من نظرات المخبرين السريين ومراقبة أجهزة المخابرات العامة ، لكن ذلك لم يثنيها يوماً عن الدفاع بكل ما اؤتيت من قوة عن قضيتها العادلة فراحت ترسم صوراً من الواقع المرير وتجسد حلماً تكسر على صخرة الأيام لملايين من الفلسطينين الذين يعيشون في بلاده المحتلة أو في الشتات.