إذا كان شباب الدول الغربية يستيقظ من نومه صباحا نشطا مستبشرا ..مدركا قصده ووجهته بعد أن يقوم بمتطلبات جسمه من رياضة وفطور به الدسم والبروتينيات والحريرات فإن الشباب في الدول العربية على العموم عكسه تماما، فلا قصد له ، ولا وجهة حينما يستيقظ وأنىَّ له القصد
لعل المتابع المهتم بالقضية المثارة خلال الآونة الأخيرة، نعني: قضية "الجدار العازل" الذي تقيمه إسرائيل، أو: حكومة أريئيل شارون بالأحرى، كـ "فاصل" أو "عازل" بين الأراضي الفلسطينية وبين إسرائيل، لابد أن يلحظ مدى التناقض الحاصل في ما بين: قرار محكمة العدل الدولية، وبين قرار المحكمة العليا الإسرائيلية، بشأن هذا الجدار.
من الحقائق المثيرة في علم النفس أن إدراك الناس للأشياء يبدأ بسيطا ثم يتجه إلى التركيب فالطفل إذا أمام مجموعة من الناس لا يستطيع إلا إدراك التفاوت في بعد واحد كأطوالهم، ولكي يستطيع تصنيفهم وفقا لمعيار مركب كالطول والنحافة أو السمنة فإنه يحتاج لتعلم ذلك. وفي السياسة لكل فعل أبعاد عدة ونتائج مباشرة وأخرى غير مباشرة، ومما يكشف درجة وعي النخب السياسية قدرتها على رؤية الأشياء في منظور مركب يتجاوز الطفولية السياسية وهي للأسف منتشرة عربيا.
المشروع الأمريكي للشرق الأوسط:أيهما يأتي أولاً.. فدرلة العراق (والسودان)، أم دولة فلسطينية في غزة؟
لعل المتابع المهتم بشؤون المنطقة العربية، وبملامح المشروعات التي يتم صياغتها من أجل "إعادة هيكلة المنطقة"، ومحيطها الجغرافي، وعلى رأسها المشروع الأمريكي، الذي أطلق عليه "الشرق الأوسط الكبير"، ثم "الموسع" بدلاً من "الكبير".. لابد له أن يلاحظ: أن اصطلاح "الشرق الأوسط" ليس بالاصطلاح الجديد؛ فهو اصطلاح يمتد إلى العقود الأولى من القرن العشرين الفائت.
إذ، لم يكن هذا الاصطلاح، والمفهوم الذي يؤشر إليه، سوى تعبير عن المنظور الاستعماري في العصر البريطاني، عبر رؤية العالم ومناطق النفوذ من زاوية المركز الأوروبي؛ وفي الوقت نفسه، ترسيخ التوجه إلى نفي لأية تسمية، أو: مشروع، لتوحيد الوطن العربي؛ ومن هنا، كان تعبير "الشرق الأدنى" مرادفاً لـ "البلدان العربية" الواقعة في ما يسمى بالهلال الخصيب؛ هذا، فضلاً عن اختلاف دلالة مفهوم "الشرق الأوسط" قبيل وأثناء الحرب الأوروبية الثانية (1939-1945)، عن دلالته بعد الحرب.
الأيام ظروف للأحداث ووعاء للوقائع، ولا يحسب طولها او قصرها بعدد الساعات ودقات الدقائق كما يظن عامة الناس لأنها حين تقاس بذلك تغدو جميعا سواسية كأسنان الحمار (!) لا فضل لواحد منها على آخر، فرب يوم أيوم يفضل سنين خامدة واعواما راكدة كبركة الماء الآسنة التي تنتظر حجرا ثائراً ينفض عنه غبار السكون الثقيل واديم الرتابة القاتلة، ولست بواحد حقا اذا سرحت طرفك فيما تعايش من الايام اطول من هذا اليوم الذي يتمطى بطيئا كئيبا مذ ثلاث سنين عجاف اكلت الشحم واللحم والعظم، ونجهل حتى الساعة افي مسائه نحن أم في ضحاه!
- 1-
أهمّ ميزة ملازمة للنظام الرسمي العربي هي الإستئصال , حيث يتعاطى هذا النظام في تعامله مع كافة تفاصيل الواقع بمنطق الإستئصال و الإستئصال فقط .
ومثلما يستأصل هذا النظام الرسمي العربي الفرد يسـتأصل المجموع أيضا ولا يستسيغ وجود أيّ تيّار مغاير أو فكرة مغايرة أو برنامج سياسي مغاير أو مدرسة ثقافية مغايرة أو نخبة مغايرة . وعلى الرغم من أنّ التغاير سنّة كونيّة طبيعية حيث تعدد الفصول والأعراق و الطبائع والنفوس و الجمادات والعجماوات إلاّ أنّ النظام الرسمي العربي يسير في إتجّاه معاكس لهذه الخصيصة الكونية و الفطريّة الأمر الذي جعله عرضة للإهتزازات والإرتدادات السياسيّة وغيرها , والأمر الذي جعل عوامل الثورة والعنف في كل دولة عربية في إضطرّاد ونماء مستمّرين .
بعد مرور ثلاث سنوات على الحادي عشر من سبتمبر وإعلان الإدارة الأمريكية الحرب على "الإرهاب"، ما يزال الرئيس بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير يصران على أن العالم أصبح أكثر أمناً بعد غزو أفغانستان والإطاحة بطالبان وغزو العراق واحتلاله والإطاحة بصدام حسين وإطلاق يد الكيان الصهيوني في فلسطين تنكيلا وتشريدا وتهديما وتقتيلا بشعب أعزل إلا من إرادته الصلبة في الحياة وعدم الركوع والرضوخ والاستسلام. لقد خاض بوش الابن حربين منذ أن تسلم سدة الرئاسة في يناير 2001 وما زال يصر، في حملته الانتخابية، على أن سياساته العدمية والحروب الاستباقية سوف تجعل العالم وأمريكا أكثر أمنا على حد قوله أثناء حملته الانتخابية في أيوا:"أمريكا مكان أكثر أمنا.. وأربع سنوات أخرى ستجعل أمريكا والعالم أكثر أمنا وسلاما." وفي شبكة التلفزة إن بي سي قال:"العالم أكثر أمنا لزوال صدام حسين." فهل أصبح العالم اليوم حقا أكثر أمنا واستقرارا من ذي قبل؟