خدعوك فقالوا إن الإدارة علم وفن معا، وهو ما أدى إلى مشاكل في إدارة العديد من المنظمات وقصور في إدارتها وبالتالي تراجع أدائها المؤسسي؛ بسبب أن هذه المنظمات أديرت بأسلوب الهواة وليس بأسلوب احترافي وباسلوب التجربة والخطأ، وحتى وإن تحققت الفاعلية Effectiveness في تحقيق أهدافها، فيكون ذلك على حساب الكفاءة Efficiency والتي تعني ببساطة تحقيق الأهداف بأقل موارد ممكنة وفي أقرب وقت ممكن.
من الفتاوى التي أصدرها الإمام الأكبر محمود شلتوت رحمه الله الفتوى المتعلقة ب (استطلاع الغيب والتشاؤم)، فقد أجاب رحمه الله عن سؤال وجه له أن بعض الناس يدعون معرفة الأسرار والمغيبات بطرق مختلفة، وبعض الناس يتشاءمون من أماكن معينة، أو أيام خاصة، أو أشياء محدودة. فهل لهؤلاء أو أولئك دليل من الدين؟ فقال رحمه الله: يختلج في نفوس كثير من الناس أن الله علق نجاح الإنسان وفشله بأعمال الخير بساعات معينة من اليوم، أو بأيام معينة، هكذا يظن بعض الناس، وبذلك يحجمون عن مشروعاتهم في أيام معينة، ويقدمون عليها في البعض الآخر. وكذلك يتصور البعض أن لاستطلاع الغيب المكنون في جوف المستقبل وسائل يعرفون بها ما يهمهم أن يعرفوه، من حاجة مسروق لم يعرف سارقها، أو شيء مفقود لم يعرف مكانه: وقد اتسع لهم مجال ذلك حتى استخدموا الوهم والتخييل، وانصرفوا بهما عن الحقائق، ومعرفة السنن التي ربط الله بها بين الأسباب والمسببات، وأسلموا أنفسهم لعادات وتقاليد توارثها الجهل حتى تم اللعب بالعقول، مما أدى إلى حرمانها من لذة العلم والمعرفة.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم، وبعد: فقد صدر مؤخراً كتاب جديد للشيخ العلامة فضيلة الشيخ الدكتور عبد الحكيم الأنيس حفظه الله بعنوان (طريق العلم وأخلاق العلم)، وهو من إصدارات دائرة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدبي.[1] والكتاب واحد من إصدارات الشيخ الدكتور عبد الحكيم الأنيس المهمة والتي تضع المبادئ والأصول لمنهجية العلم في الإسلام، وسبق أن أصدر الشيخ العديد من المؤلفات العلمية الهامة في هذا المجال.
وفي المقدمة ذكر فضيلة الشيخ الدكتور عبد الحكيم الأنيس أن الكتاب يتألف من فصلين، هما على قدر عال من الأهمية، يتناول الفصلُ الأولُ مطلبين، وهما: طرقَ تحصيل العلم كما جاء في نصائح العلماء البارعين، وقرائح الأدباء المبدعين، ومنهج الطلب كما بيَّنه عددٌ من العلماء المتبحرين. أما الفصلُ الثاني، فيبحث في جوانبَ مهمة من أخلاق العلم، في محاولةٍ لتصحيح واقعٍ لا يناسب الحياة العلمية السليمة.
قال ابن الملقن في ترجمة الشيخ عبد العزيز الديريني رحمهما الله: "[عبد العزيز الديريني] (٦١٢ - ٦٩٧ للهجرة): عبد العزيز بن احمد بن سعيد، الديريني، الزاهد القدوة، ذو الأحوال المذكورة والكرامات المشهورة، والمصنفات الكثيرة، والنظم الشائع. وكان مقامه الريف، والناس يقصدونه للتبرك مات سنة سبع وتسعين وستمائة، وقد أوضحت ترجمته في " طبقات الفقهاء". (ابن الملقن سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي المصري (ت ٨٠٤هـ): "طبقات الأولياء"، بتحقيق: نور الدين شريبه من علماء الأزهر، مكتبة الخانجي، بالقاهرة، الطبعة: الثانية، ١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م، ص 447).
العلم هذه النعمة العظيمة التي حباها الله سبحانه وتعالى للإنسان، وشرفه على سائر الكائنات بالمعرفة منذ أن علم آدم الأسماء كلها، قال تعالى: وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿٣١﴾ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴿٣٢﴾ قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴿٣٣﴾} (البقرة: ٣١-٣٣).
سيزداد اهتمامك بالعلم، أي علم نافع تنتفع منه الإنسانية، وخصوصا العلم الشرعي إذا انتبهت إلى ما ورد في الكتاب والسنة وآثار السلف الصالح من نصوص تمنح قيمة استثنائية وفائقة للعلم.. قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴿١١﴾} (المجادلة: ١١).
وقال سبحانه: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} ﴿الزمر: ٩﴾. وقال تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} ﴿العنكبوت: ٤٣﴾. وفي الحديث عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. [1]
هذه الصفحات مختارات مستلّة من كتاب دلائل الخيرات للإمام أبي عبد الله محمد بن سليمان الجزولي المتوفى عام ٨٧٠ هجرية ( ١٤٦٥ ميلادية) المخصص للصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد اقتصرتُ في الاختيار على ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وعلى بعض الصيغ المقبولة شرعاً وإن لم تكن مأثورة. وعمدْتُ إلى حذف المكررات قدر الامكان وإلى اختصار بعض الصيغ أو إلى الجمع بينها وبين صيغة أخرى أو إلى الاقتطاف من عدة صيغ لإنشاء صيغة مستقلة ليصير مجموع ما انتخبتُه بذلك أربعين صيغة يُمكِن لمن يشاء أن يقرأها في دقائق معدودة. وكذلك فعلت مع مقدمة الكتاب التي التقطت منها أسطراً. وأما الأدعية التي نثرها الجزولي مع الصلوات فقد جمعتها واختصرتها ووضعتها في آخر هذه المنتخبات.
وأسأل الله تعالى أن يجعل نيتي خالصةً لوجهه الكريم وأن يتجاوز عما يقدح فيها وعما وقعتُ فيه من زلل وأن يغفر لنا جميعاً وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
الصفحة 3 من 433