إن الأزمات لها طبيعة خاصة وتشكل ضغوطا غير عادية وتهدد السلامة العامة، وتتسم بأخطارها الكبيرة المتسارعة، والتي تفرض على متخذ القرارات اتخاذ منحى آخر غير معتاد عند اتخاذ القرارات التي تكون لها طبيعة مختلفة ومتفردة عن القرارات في الأوقات المعتادة من حيث عدة اعتبارات، من أبرزها ما يلي:
1-القرارات في أوقات الأزمات قرارات استثنائية أي لا تستند على النظم والقواعد واللوائح؛ ؛ حيث يعمل متخذ القرار على إنقاذ المجتمع أو الأفراد أو الأعمال من الانهيار، فالقرارات في أوقات الأزمات تكسر القواعد واللوائح والنظم التي صيغت استنادا إلى الظروف المعتادة وليست الطارئة الاستثنائية.
2- القرارات في أوقات الأزمات تكون غالبا من خارج الصندوق؛ أي تتسم بالتفكير الإبداعي والابتكار؛ حيث يطلق متخذ القرار ومجموعته المعاونة العنان لكافة الأفكار غير المعتادة وغير المألوفة؛ لأن المعيار الرئيسي هو إنقاذ مجتمع أو أفراد أو أعمال أو اقتصاد أو أي أمر آخر من الانهيار والفقدان.
مفهوم الثقافة
من المقومات الرئيسية لرقي أي مجتمع وتحضره الثقافة والتعليم ، وقد أولت الشريعة الإسلامية اهتماماً كبيراً لكليهما ، وبمشيئة الله تعالى سوف نلقي الضوء على الثقافة والتعليم في الإسلام : مفهوم كلا منهما ، وأهدافهما ، وأثرهما في الفرد والمجتمع .. وسوف نبدأ بالثقافة ثم نعقب بالتعليم ، والله ولي التوفيق .
أولاً : معنى الثقافة :
لقد تعددت تعريفات الثقافة باختلاف المفاهيم والأفكار والمجتمعات ، إلا أن مفاهيم المفكرين عن معنى الثقافة متقارب إلى حد كبير ، وذلك كالآتي :
(1) هناك من يرى : أن مصطلح الثقافة قد اشتُقّ من إحدى مفردات اللغة العربية وهي "المثقف" والتي تعني القلم المبري وهو أداة للتعلّم ، واشتُقّت هذه الكلمة منها للدلالة على أنّ المثقف يصقل نفسه ويقوّمها ويسويها من خلال تعلم الأمور الجديدة .
وتُعرف الثقافة من الناحية اللغويّة بأنها : تغذية الذهن والفكر بالمعلومات واستنارة العقل المفكر ، وترمز إلى المستوى العلميّ والتعليميّ للفرد ، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بمدى قدرة الفرد ومجتمعه على إدراك المعرفة والعلوم في كافة أمور الحياة ومجالاتها .
وفي الوقت الحاضر كلمة الثقافة تعتبر مفتاح دلالي على مستوى الرقي الذي وصل إليه الأفراد من الناحية الفكريّة والاجتماعيّة والأدبيّة .
أحيانا، وبدافع الخوف، نمنح أشياء بطولة لا تستحقها؛ الكورونا على سبيل المثال!
هو فيروس خَطِر ولا شك، وقاتل في بعض الحالات، وحريٌّ بنا اتقاؤه ما استطعنا. لكن التمادي في خشيته يحوّله من مجرد فيروس إلى كابوس!
هذا العالم مليء بالأخطار، ومَظنّات الألم، ومزالق الخوف. هذه طبيعة الحياة الدنيا، وهذه الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها أن نتمنّى الدار الآخرة ونسعى لها سعيها.
لا شيء يمكنه أن يحرّر الإنسان من المخاوف التي تنتهبه إلا إدراكه لآليةِ حدوثِ المقادير. حينما يكتب الله أنّ فلانا سيتألم ألما قدره كذا (على افتراض أن هناك وحدة لقياس الألم)، فإنه سيتألم ما كُتب له أن يتألم. قد يتألم بالكورونا، أو بعلّة أخرى، أو بفجيعة، أو بخيبة، أو بفقد ... الخيارات جمّة. المهم أنّ نصيبه من الألم آتيه لا محالة. وقد يصادف أن ينال شخص نصيبه المقدور من الألم بالكورونا، وينال شخص آخر نصيبه بفقد عزيز مثلا. الجوهر واحد، السبب اختلف. وكما قال الشاعر:
ومن لم يمتْ بالسيف مات بغيره *** تعددت الأسباب والموت واحدُ
وموفّق مَن يعرُج من التعرّف على السبب، إلى التعرّف على المسبب؛ رب الأسباب جلّ وعلا.
لم يكن يدور في خيال أحدٍ من المحيطين بهذا المولود الصغير "رضا عبد السلام" أن يصبح له هذا المستقبل المشرق وهذا النجاح الباهر بسبب الإعاقة الحركية التي وُلد بها، وهي الضمور في الذراعين. إلا أن استقبال والديه له بالرضا، ومن ثَم أسمياه "رضا"، وتصميم والده الحاج عبد السلام، رحمه الله، على الاهتمام به وتعليمه، كان له الأثر الواضح في بلوغه هذه المكانة.
فكان من عادة أهل الريف أن يتعاملوا مع أي صاحب إعاقة بنوع من الشفقة، ثم يهبونه للقرآن الكريم ليتعلَّمه ثم يتكسَّب من تعليمه عندما يكبر، إلا أن والده كان له أسلوب آخر في التعامل معه...
فأول ما فعله عند استقباله هو أن صلى ركعتين ثم توجه إلى الله تعالى بهذا الدعاء "أنت الذي خلقته وأنت الذي تسيره للحياة"، ثم أخذ في رعايته وتعليمه شيئًا فشيئًا حتى مرت سنواته الأولى وأصبح على مشارف الالتحاق بالمدرسة.
لقد وضعت الشريعة الإسلامية بعض القواعد العامة والهامة لصحة الفرد ، تلك القواعد من شأنها القضاء على الأمراض بإزالة أسبابها ، كما أرشدت السنة أبناء الأمة إلى طرق الوقاية من الأمراض عن طريق الالتزام بتعاليم شريعتهم وسنة نبيهم المصطفى صلى الله عليه وسلم عند أكلهم ، وشربهم ، ونومهم ، وقيامهم ، في كل شيء حال حياتهم ، وعند مماتهم ، وحتى بعد موتهم .
ومن القواعد العامة والهامة التي وضعتها الشريعة للوقاية من الأمراض والقضاء عليها ما يلي :
1) الأمر بالمحافظة على الصحة
حيث أكدت الشريعة الإسلامية على أن الوقاية دائماً هي خير من العلاج ، فالإنسان الذي يحافظ على صحته يكون أقل الناس عرضة للمرض ، ومن ثم فقد أمرت الأحاديث النبوية الشريفة بالتزام أمور ، وحذرت من أخرى ، ونبهت إلى ثالثة ، وذلك كالآتي :
(1) تكمّموا، لا تتمسّكوا!
أعجب من ممن يتمسّكون بكلمة "مَاسْك" في حديثهم اليومي. كيف فاتتهم دقة العربية التي تفرّق بين القِنَاع والكِمَام؟ في حين تستخدم الإنكليزية Mask للدلالة على القناع (وهو ما يغطي الوجه كله) والكِمام (وهنو ما يغطي الأنف والفم).
أمّا الكِمام، فقد جاء عنه في لسان العرب: "الكِمَام، بالكسر، والكِمَامة: شيء يُسدُّ به فم البعير والفرس لئلا يَعَضّ." ثم تغيّرت دلالته وصار يستخدم للكِمَام الطبي المعروف. ولاحظوا أن الميم غير مشدّدة، فلا يصح أن نقول كمّام أو كمّامة.
وفي الزمان الغابر، كان العرب يتّقون الغبار بالتلثّم. وهذه كلمة جميلة، ونستخدمها في لهجتنا الكويتية فنقول مثلا: "فلان متلثّم بغترته". جاء في اللسان: "اللِّثامُ: ردُّ المرأة قِناعَها على أنفها، وردُّ الرجل عمامته على أنفه". مهلا، هل قرأتم "قناع المرأة"؟ نعم، فالقِناع والمِقْنَعة عند العرب قديما هو "ما تتقنَّع به المرأة من ثوب تغطّي رأسها ومحاسنها" كما يقول المعجم. إذًا، كان القناع يُستخدم لما يُغطّى به الرأس تحديدا لا الوجه، وفي هذا شواهد عديدة، ليس هذا مجالها. ثم تغيّرت دلالة الكلمة (ورصد التغيرات الدلالية مبحث لطيف)، وصارت تدل على ما يُغطّى به الوجه -لا الرأس- لغرض الحماية (كأقنعة الحماية من الغازات أو أقنعة الأكسجين)، أو اللهو (كأقنعة الحفلات والأطفال)، أو أقنعة التمثيل، أو حتى أقنعة اللصوص!
الصفحة 15 من 432