تعلمت من أمي وأبي رحمهما الله دروس مهمة للحياة تحدثت عن درسين مهمين منهما في مقال سابق وهما: الوسطية وحب الخير للآخرين.
ويأتي هذا المقال للحديث عن درسين آخرين مهمين للحياة، وهما:
صفاء نفسك الداخلية تجاه الآخر قد يكون راجعا بدرجة كبيرة لصفاء نفسه تجاهك، والعكس صحيح فعدم صفاء نفسك تجاه شخص قد يعود إلى عدم صفاء نفسه تجاهك؛ ومن ثم كانت تنصحني أمي رحمها الله بأنه إذا أردت أن تصفى نفس شخص تجاهك، فبادر أنت أولا بتصفية نفسك تجاه.
وهذا الأمر قد جربته شخصيا وتحقق معي بنسبة كبيرة جدا، وإذا حدثت حالات قليلة جدا لم تنطبق عليها هذه القاعدة، فهو قد يأتي من باب الاستثناءات التي لا تنفي القاعدة بل قد تؤكدها.
يقول سبحانه وتعالى: "الله يرزق من يشاء بغير حساب" (سورة البقرة: آية 212).
يقول سبحانه وتعالى في محكم كتابه: "وفي السماء رزقكم وما توعدون* فورب السماء إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون"(سورة الذاريات: آيات 22، 23، لاحظ أن الرزاق ذو القوة المتين هو الذي أقسم)
وروى مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: ( يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ ) .
قال رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام : " هَلُمُّوا إِليَّ . فأَقبَلُوا إليه فجَلَسُوا ، فقال : هذا رسولُ ربِّ العالمِينَ ؛ جِبريلُ نَفَثَ في رُوعِي : إنَّه لا تَموتُ نفسٌ حتى تسْتكمِلَ رِزْقَهَا وإنْ أبطأَ عليهَا، فاتَّقُوا اللهَ ؛ وأجْمِلُوا في الطَّلَبِ ، ولا يحْمِلَنَّكم اسْتِبْطاءُ الرِّزقِ أن تَأخذُوهُ بِمعصيةِ اللهِ ، فإنَّ اللهَ لا يُنالُ ما عِندَه إلا بِطاعتِه."(الراوي:حذيفة بن اليمان | المحدث : الألباني | المصدر:صحيح الترغيب/ الصفحة: 1702 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح) مع التأكيد على السعي إلى الرزق سعيا يرضي الله.
سئل الإمام الحسن البصري عن سر زهده، فقال: علمت أن عملي لن يشتغل به غيري فاشتغلت به وعلمت أن رزقي لن يأخذه غيري فاطمأن قلبي، وعلمت أن الله مطلع علي فاستحيت أن يراني على معصية، وعلمت أن الموت ينتظرني فأعددت الزاد للقاء ربي(لاحظ تقديم الإمام العمل قبل الاطمئنان إلى الرزق)
كلما رفع القوم رؤوسهم من قبورهم الجماعية، واستعادوا وقفتهم في وجه التاريخ، جاءهم منجل الموت يحصدهم، وكل ذنبهم أنهم موجودون في قلب أُوروبا، على الحدود، ما بين شرقها الروسي الاستعماري، وغربها الأوروبي الاستعماري.. لا أحد يريد لهم أن يبقوا، ولا أن يعيشوا، ولا أن يكون لهم وطن مستقل، يريدون لهم أن يكونوا مجرد أقلية في بلاد الآخرين، لا تريد أُوروبا بلدًا مسلمًا ذا تاريخ يتصل بالسلطنة العَدُوَّة.. كما لا تريد للأقليات أن تحيا بسلام أبدًا، ما دامت لا تستطيع امتطاءها، واستخدامها، في حروبها الخاصة والعامة، لتحقق بها مرادها هنا وهناك، ثم لتتخلص منها بأنجع الوسائل، التي تتقنها أُوروبا الاستعمارية بشقيها: تأجيج الأحقاد الطائفية والقومية هنا وهناك كلما اقتضت الحاجة!
أُوروبا التي تركت بعد الحرب العالمية الأولى، "تركيا الناشئة" – التي انتهت إليها الامبراطورية العثمانية العظيمة، بعد أن كانت تحكم ثلاث قارات–، واقفة ببابها عقودًا، تستجدي "حقها" في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لم تكن لتقبل ببلد مسلم، من مخلفات العثمانيين على تخومها!
تظن أُوروبا، كما كثيرون ممن يمتلكون القوة، خلال دورات التاريخ المتتالية – ومنهم الامبراطورية العثمانية نفسها –، أنه بالذبح، والقتل، والبطش، يمكن القضاء على بذرة الإنسان! بذرة الإنسان التي تنطوي على روح الله! وما تلبث أن تُنتش، ويمتد جذرها الصغير، نحو الأرض ليتشبث بها، ويقوى ساعدها، وترفع رأسها بورقتين خضراوين، حرية وكرامة.. لتصافح الشمس بهما وتحيا.
تكلم السفير في لقائه معنا، عن خذلان الأصدقاء، وكذب المنافقين، وعجز الإخوة، تكلم عن الحصار، والموت، والتجويع، والذبح، وما هو أعظم من الذبح والتجويع، وشكر الشعب الإسباني، ومجمل الشعوب الأوروبية، على ما قدمت وتقدم.
كانت غصة في القلب، أن نرى، ونعيش، على هامش ما يجري في البوسنة، هذه الظاهرة الإعلامية المخيفة، التي تُساق من خلالها الشعوب كالقطعان، لتؤمن بما يَشاء لها، مَن يقف وراء الإعلام، أن تؤمن به، ولتكفر، بما يشاء لها، مَن يقف وراء الإعلام، أن تكفر به، ولتتحرك لإغاثة من يريد لها، مَن يقف وراء الإعلام، أن تغيثه، ولتقف متفرجة، على آلام ومعاناة مَن لا يرغب من أولئك الذين يقفون وراء الإعلام، في أن يحرك أحد ساكنًا لإنقاذهم من الغرق، ولا حتى لاكتشاف حقيقة الحكاية، التي يظن الناس، أنهـا تجـري تحت سمعهم وبصرهم، لكنها في واقع الأمر، تمرر من خلال غربال الإعلام، ليرى الناس ويسمعون وفقط، ما يريد لهم الإعلام أن يروه ويسمعوه.
كانت حرب البوسنة، آخر حرب تخص المسلمين، سَمح فيها الإعلام الغربي، لصحفييه بأن ينقلوا للشعوب الغربية، حقيقة ما كان يحدث فيها!
* * * * *
من كتاب #مورا_في_مدريد
استوقفني كثيرا قوله سبحانه وتعالى {لكم دينكم ولي دين} وأخذت أبحث في بعض التفاسير، وتوصلت إلى ما يلي:
*التفسير الميسر: لكم دينكم الذي أصررتم على اتباعه، ولي ديني الذي لا أبغي غيره.
*تفسير الطبري: يقول تعالى ذكره: لكم دينكم فلا تتركونه أبدا، لأنه قد ختم عليكم، وقضي أن لا تنفكوا عنه، وأنكم تموتون عليه، ولي دين الذي أنا عليه، لا أتركه أبدا، لأنه قد مضى في سابق علم الله أني لا أنتقل عنه إلى غيره.
ويمكن أن يؤيد التفسيرات السابقة:
في ظل خضم الحياة اليومية ومشاغلها وفي ظل تراجع القيم والمبادئ الجميلة للأجيال السابقة وفي ظل الحرص على المصلحة الضيقة وفي ظل قصر النظر، تراجعت قيمة مهمة وهي قيمة الوفاء وبالأخص مع علمائنا وأستاذتنا أهل العطاء؛ مما قد يتطلب إلقاء بعض الضوء على هذه القيمة المهمة.
أولا: معنى الوفاء في معجم المعاني الجامع:
1- الوَفَيُ : الشَّرَفُ من الأَرض
2- الوَفِيُّ : التامُّ
3-الوَفِيُّ : الكثيرُ الوفاء والإخلاص ، مَنْ يفي بتعهُّداته ويقوم بواجبه.
ثانيا: معنى الوفاء اصطلاحا
{gallery}galleries/miskan{/gallery}
لا بدّ أن مضيفي الطائرة يفضّلون الركاب من أمثالي؛ الصامتين، القليلي الطلبات، الغارقين في عالمهم، المنهمكين جدا في الطقطقة على الشاشة الصغيرة أمامهم بأمان. ما لا تعلمونه أعزائي المضيفين، أني كنت منشغلة جدا –ومستمتعة تماما- بتصيّد الأخطاء اللغوية الشنيعة التي تحفل بها خرائط طائرتكم المصونة!
مزيج من الضجر والانزعاج من أصوات الأطفال قادني إلى العبث بالخرائط المتوفرة على "شاشة التسلية" في الطائرة، وإذا بي أرى العجب العجاب. كررت ذلك في أكثر من رحلة، ومع شركتيْ طيران؛ واحدة محلية، وأخرى خليجية. وكانت النتيجة مضحكة، "ولكنّه ضحكٌ كالبُكا" كما قال المتنبي!
قد يبدو العنوان غريبًا بعض الشيء، ولكنني اخترته بعناية فائقة لأطرح ما أود طرحه بكل شفافية، وعن قناعة تامة أيضًا، إنني اليوم في الثانية والأربعين من العمر، إنني باعتباري إنسانًا على وجه البسيطة سيعيش ما شاء الله له أن يعيش ولكن إن طال عمري فقد يصل المئة مثلًا ولو تجاوزها قليلًا فهذا في علم الغيب، ولكنني أفترض أنني سأعيش ثمانين سنة، وقبلي يقول زهير بن أبي سلمى:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش = ثمانين حولًا لا أبا لك يسأمِ
وأنا اليوم تجاوزت الأربعين يعني ضمنت أربعين سنة خلت على علّاتها وأتطلع إلى الأربعين المقبلة إن قدر لي أن أعيشها كما أفترض والأعمار بيد الله أولًا وأخيرًا.
الصفحة 4 من 78