في صباح الاثنين قبل ٧ اشهر صحوت في قرابة الساعة العاشرة صباحاً، فوضبت نفسي وقبل أن اخرج من المنزل لحقت بي ابنتي لولوة متشبثةً بثوبي وهي تبتسم وعيناها تقول لي: اجلس معي قليلاً، فقبلتها ووعدتها بقصة جديدة كهدية في طريق العودة للمنزل، تركتني وهي تنظر ولسان حالها يقول: تعلم أنني أريدك أنت لا القصة.
خرجت من المنزل وإذ بجيران لنا جُدد في المنزل المجاور، فسلمت على كبيرهم وباركت له، فتبين لي أنهم أجانب من ديانة سماوية، وقد استأجرت لهم شركتهم العالمية المنزل المجاور لنا في منطقة (الشهداء).
ذهبت مسرعاً ركبت سيارتي، انطلقت لقضاء بعض الحاجيات، وأنا في طريق العودة فكرت في شراء هدية لجيراننا الجدد لعلي ارسم على شفاههم ابتسامة أو ينشرح قلبهم للإسلام.
فذهبت واشتريت لهم مجموعة فاخرة من اطقم الأواني المنزلية، وبعدها زرت صديق لي (حمود الابراهيم) يعمل في لجنة التعريف بالإسلام، وطلبت منه تزويدي بكتب منوعه عن الإسلام، وكعادتهم فاضت أياديهم بأفضل ما حوته مكتبة اللجنة.
ابتدع الإنسان أنظمة الحكم وأنواع الحكومات المختلفة، أو فرضت عليه أحياناً، من أجل تنظيم حياته العامة مع الآخرين، حتى لا يكون حكم الغابة وسطوة القوي على الضعيف وغزوات الجاهلية، هو البديل لذلك الحكم أو تلك الحكومة.
ومن الطبيعي، والمؤسف أيضاً، أن الحكّام والحكومات يميلون تلقائياً إلى السيطرة والتسلط، مما يخرجهم من وظيفتهم الأساسية وهي خدمة الشعب وتحقيق رفاهيته، إلى أن يصبح الشعب أجيراً عندهم، أو خادماً لنزواتهم المريضة!
وابتدعت الشعوب العديد من الوسائل على مر العصور، لرفع الظلم عنها وإعادة الحاكم إلى حجمه الحقيقي، أو تذكير الحكومة في دورها الأساسي، أو استبدالها بأخرى قادرة على القيام بذلك، أو لتوضيح كل ما سبق والتأكيد عليه.
ومن تلك الوسائل (الدساتير) التي تمثل العقد الذي يبين حقوق وواجبات الحكّام، وتحدد وظائف وصلاحيات الحكومات، مثل الدستور العثماني عام 1876، ودستور دولة الكويت 1962.
مريم العذراء سفينة تحمل خمسين ناشطة لبنانية وعربية وأوروبية وأميركية. منهن الأكاديمية والمحامية والإعلامية والمربية والراهبة والفنانة وربة البيت، وعلى متنها مواد إغاثة إنسانية، وجهتها غزة المحاصرة، بغية نجدتها، ومحاولة كسر حصارها الظالم الذي فرضه الإحتلال الإسرائيلي عليها.
إسرائيل ترفض، تهدد وتتوعد بحجة أنها طبقت إجراءات جديدة ، خففت بموجبها قيود الحصار المفروض على غزة، ولدواع أمنية على حد زعمها، رغم أن ناشطات هذه السفينة صرحن أكثر من مرة أنهن لا تحمل سفينتهن إلا مواد إغاثة إنسانية، وأنهن لا يفكرن مطلقا باللجوء إلى العنف، فهن أولا وأخيرا سيدات متحضرات على جانب عال من الثقافة والإنضباط.
وحقيقة الأمر إن الإجراءات الجديدة التي تتحدث عنها إسرائيل فيما يخص حصار غزة الذي مضى عليه أربع سنين، ما هي إلا وسائل تجميلية، هدفها امتصاص نقمة العالم، والضغوطات التي تمارس على إسرائيل بغية رفع هذا الحصار الظالم الذي أذاق أهل غزة الأمرين، وجعلهم يعيشون في ظروف غير إنسانية.
في تاريخهم الحديث والمعاصر، عرف الفلسطينيون طوال عقود من تاريخ نكبتهم المستدامة أشكالا وألوانا لا حصر لها ولا عد من الحروب عليهم. وها هو الإحتلال، تحت ظلال الصمت العربي، يضيف على هذه القائمة الطويلة من أساليبه العدوانية إغلاق المعابر، وقطع الغذاء والدواء والوقود والكهرباء عن شعبها شيبا وشبانا، أطفالا ونساء ورجالا، لعله هذه المرة ينال منالا، حاول مرارا وتكرارا أن يناله، وهو على يقين بأنه لن يناله مهما كانت التحديات.
تعرفنا في الجزئين السابقين على موقف دستور دولة الكويت 1962 وبقية الوثائق الدستورية (مجازًا) بشأن الشريعة الإسلامية، وتجاوزها حد كونها عقيدة وشريعة أغلب السكّان، إلى مكانتها كدين الدولة الرسمي، والمصدر الرئيسي للتشريعات فيها، والأساس لبنائها بعد تحريرها عام 1991.
وهذه الحقائق يجب أن تلاقي أصداء عملية من الوزراء والمسؤولين والجهات الحكومية، ومن مجالات ذلك ما يلي:
1- يجب أن تعكس الخطابات الرسمية والمكاتبات والمراسلات دين الدولة - وهي بالفعل كذلك بفضل الله الرحيم- وإن اعتراض صحيفة "القبس" على الخطابات السامية في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وعلى استهلال خطابات سمو أمير البلاد في المناسبات المختلفة بالآيات القرآنية الكريمة، لا يعبر سوى عن تطرف الصحيفة العلماني وخروجها عن الدستور.
2- ظروف العمل في الدوائر الحكومية عليها أن تعكس هوية الكويت الدينية – وكثير منها على ذلك بنعمة الله الكريم- فلا يصح أن يفرض مسؤول "ليبرالي" أو "علماني" فكرته المستوردة الشاذة على موظفي جهازه، بشكل مخالف للإسلام والدستور.
بتأخير دام أربعة أعوام هي عمر حصار غزة بنهاراته ولياليه، وبكل سهولة ويسر، انتقل موكب الأمين العام لجامعة الدول العربية من رفح المصرية إلى رفح الفلسطينية، وكأنه يتجول في مدينة واحدة، هناك شاهد بأم عينه ما فعله الحصار الظالم، وما اقترفته أيدي العدوان الآثم على شعب غزة بشرا وحجرا وشجرا، في أواخر العام 2008، وأوائل العام 2009.
كان في انتظاره الكثيرون من فعاليات غزة الشعبية والسياسية الذين تأملوا أن تكون هذه البادرة من طرف الأمين العام سوف تؤدي إلى رفع للحصار في القريب العاجل، وقد فاضت عواطف أهالي الأسرى الذين تجمعوا، ورفعوا صور أبنائهم في المعتقلات الإسرائيلية، آملين أن تكون هذه خطوة يمكن أن تقود إلى تحرير هؤلاء الأبناء الذين طال غيابهم ، والحنين إليهم.
تحدث الأمين العام في أكثر من لقاء جماهيري، واعدا أن الحصار سوف ينتهي. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا بإلحاح: هل الأمين العام جاد فيما قاله، أم أنه جاء من قبيل رفع العتب، وهو مجرد كلام والسلام، سبق أن أدلى بمثيله في ذات الشأن والصدد.
متهورون.. هذه هي الكلمة التي وُصِف بها أبناء المقاومة الكويتية الذين كانوا يحاربون "بالشوازن" و"النباطات" الجيش العراقي المدرع بالسلاح والعتاد
متهور.. وَصَف الصحابة بها البراء بن مالك في معركة اليمامة حينما قذف نفسه بالمنجنيق ليقتحم حصن حديقة الموت.. وفتح باب الحصن
مجنون.. هو الوصف المناسب لماجلان قبل أن يكتشف كروية الأرض.. بطل.. هو الوصف المناسب لماجلان بعد أن طاف الكرة الأرضية بسفينته "ترينيداد"
إن العقلية التي خرج بها أبناء الكويت المتضامنون على أسطول الحرية.. هي نفس العقلية التي قاتل بها جماعات ضعيفة العتاد قوية المبادئ جيش نظامي مسلح عظيم في الغزو.. وقيل عنهما نفس الكلام.. متهورون.. وكم حذرت أمهات أبناء المقاومة أبناءهم من مواجهة العراقيين وجلسوا على عتبة باب البيت يشدون ثياب أبناءهم ويصرخون باكين: لا تخرجوا ! فينظر إلى أمه نظرة مودع ويقبل رأسها ثم يدير ظهره وينصرف.
ها هي تمخر عباب البحر الأبيض المتوسط.إنها تسع سفن تركية ويونانية وإيرلندية وسويدية وغيرها.إنها تتحرك بشكل شرعي وفق قوانين الملاحة البحرية،محملة بالمواد الحيوية الأساسية التي يحتاجها الغزيون،وافتقروا إليها طيلة سنوات الحصار الظالم الذي فرضه الإحتلال الإسرائيلي عليها.
إن الشعب الفلسطيني بمجمله على يقين بأن هناك ضمائر إنسانية حية لم تلوثها منظومة الحقد والكراهية والتسلط على الشعوب،تقف إلى جانبه وتؤيد قضيته.والشعب الفلسطيني لا ينسى أيضا الشرفاء من بني جلدته أبناء العروبة الأوفياء وما يقدمونه دعما لقضيته الإنسانية.
لقد كان ولا يزال حصار غزة على مسمع الدنيا ومرآها، حصارا اشتركت فيه الولايات المتحدة الأميركية،والعديد من دول الإتحاد الأوروبي،ودول أخرى من هذا العالم الجاحد الظالم.إلا ان الانكى من ذلك كله ان الأنظمة العربية قد أسهمت به بصورة أو بأخرى،بل كان لها دور في تجسيده على ارض الواقع.وأما الذين لم يفقدوا الرحمة في قلوبهم،ويتحركون لنصرة شعب غزة المحاصر،فانهم يستحقون كل تقدير في المعنى والمبنى.ويستحقون أن تتوج رؤوسهم بأكليل الزهور.
الصفحة 16 من 104