لكل زرع طيب ثمرة طيبة ، وقد أثمر اهتمام الإسلام بالإنسان ، وحرصه على تنمية مهاراته في مختلف المجالات ، ودعم روح الإبداع لديه ثماراً طيبة ظهرت في العديد من الاكتشافات والابتكارات والمخترعات التي سبق بها المسلمون العالم ، وكانت سبباً في نفع البشرية على مر العصور ، ومنهلاً عذباً ينهل منه العلماء والباحثون والمفكرون ، فتعلموا وطوروا وخدموا البشرية في شتى المجالات ، وبمشيئة الله تعالى سوف نذكر بعضاً من هذه الاكتشافات والابتكارات والمخترعات وذلك كما يلي:
سبق وأن تكلمنا عن التعليم وأهميته وأثره في بناء الفرد والمجتمع ، كما قلنا إن الإسلام قد رفع من شأن العقل الإنساني ، وحث الإنسان على استخدامه والنظر في الكون وعمارة الأرض ؛ قال تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)[2].
وقال جل شأنه : (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) [3].
وقد اهتم الإسلام بالإنسان ، وحرص على تنمية مهاراته في مختلف المجالات ، ودعم روح الإبداع لديه ، كما عمل على تسخير كل السبل المتاحة لتوجيه ملكة الإبداع لديه واستثمارها ، وتوظيف مواهب الإنسان توظيفاً لائقاً بالكرامة الإنسانية ، ليقوم كل فرد في المجتمع بالإبداع في مجاله ، في تخصصه ، في مكانه الذي يعمل فيه ، وذلك من خلال ما يلي :
إذا كان التعليم هو أساس رقي الشعوب ونهضة الأمم ، وبالعلم يتم البناء والإعمار ، وبالعلم تنضج العقول وتولد عظيم الأفكار ، فلابد من الاهتمام بالتعليم والعلم والعلماء والمعلمين .
- والاهتمام بالتعليم يكون عن طريق بناء المدارس والمعاهد والجامعات ، وبأن يكون التعليم بالمجان ، مجانية حقيقية وليست شكلية ، بحيث يُقبل ويَقدر عليه ابن المعدم والفقير ، كما يقبل ويقدر عليه ابن الغني والوزير.
- والاهتمام بالتعليم يكون عن طريق وضع مناهج تعليمية تنبع من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف ، والبعد كل البعد عن التقليد والنقل غير المدروس لعادات وتقاليد ونظريات بالية ، وعلوم لا نفع فيها ، بل وتتعارض مع مبادئ ديننا وأعرافنا وتقاليدنا.
- أيضاً فإن الاهتمام بالتعليم يكون بالاهتمام بالمعلمين ، ورواتبهم ، ومكافآتهم ، بحيث تغنيهم عن مهانة الدروس الخاصة ، وعلى الجانب الآخر وضع عقوبات صارمة لكل من يبع كرامته من أجل درس خاص أو لمحاباة طالب .. الخ مما يهدر شخصية المعلم ويحط من كرامته وقدره واحترام الطلاب له ، كذلك فإنه من الضرورة بمكان لاعتدال كفة الميزان أن توضع عقوبات أشد صرامة لمن يهين معلماً ، أو يعتدي عليه بقول أو بفعل ، أو يعين على ذلك .
لأنَّ الكلمة بيت المعنى، فإنَّ استعمالها في ضوء معناها يحقق آثاراً حضارية فعّالة، ولأنَّ في الفعل(قُل) تكمن معانٍ متعددة الأبعاد والتأثيرات، تتكثف جميعها في(التكليف) الإلهي لمن يختار هدى الله ــ الذي يتألّق في الفعل(قُل).
والفعل(قُل) له جمالهُ في القرآن الكريم وخصوصيته كذلك، يتمثّل جماله في وحدة صيغته، وتعدّد المعاني الثاوية فيه، على خلاف الأفعال الأخرى التي تتعدّد أشكالها في التعبير عن معنى واحد. أمّا خصوصيته فتتجلّى في أنّه يمثّل لغة( الكينونة الإلهية) في قضايا محددة لا ينبغي حتى للرسول مخالفتها، فالقرآن الكريم في إطار القول فيه مستويان:ــ
المستوى الأول: قول الله تعالى الحقيقي.
المستوى الثاني: قول الله تعالى على الحكاية، (قول ما سواه).
قال تعالى :
(يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)[2] .
وقال سبحانه وتعالى : (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)[3] .
وقال تبارك اسمه : (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[4] .
فقد بدأ الله سبحانه وتعالى بنفسه ، وثنى بالملائكة ، وثلث بأهل العلم فناهيك بهذا شرفاً وفضلاً .
فالعلم هو أشرف فضائل الإنسان وذلك من وجهين :
تعلمت من أمي أبي رحمهما الله قيمة عليا مهمة في حياتنا وهي قوة الإيمان بالله التي تجعلك تخالف كل التوقعات وكل التخمينات والتي تجعلك تعتقد في القوة الخفية لله سبحانه وتعالى وغير المرئية من الآخرين والتي تجعلك تنظر إلى الأمور بمنظار آخر؛ فأنت تجتهد وتسعى وتنظر حولك وتبحث في كل الأسباب الظاهرة وتعمل عليها؛ للوصول إلى ما تصبو إليه، ولكن لا تنس مسبب الأسباب ولا تنس الأسباب الخفية التي تتعلق بخفي الألطاف الله سبحانه وتعالى، والتي تدخل في الوقت المناسب لتنقذك ولتحقق ما تسعى إليه .
فعندما تقف الأسباب الظاهرية العلمية التي في علم البشر عاجزة، فهناك أسباب لا يعلمها إلا العليم سبحانه وتعالى، يقول تعالى في محكم كتابه: "وفوق كل ذي علم عليم" (سورة يوسف: الآية 76).
لقد وضعت الشريعة الإسلامية بعض القواعد العامة والهامة لصحة الفرد ، تلك القواعد من شأنها القضاء على الأمراض بإزالة أسبابها ، كما أرشدت السنة أبناء الأمة إلى طرق الوقاية من الأمراض عن طريق الالتزام بتعاليم شريعتهم وسنة نبيهم المصطفى صلى الله عليه وسلم عند أكلهم ، وشربهم ، ونومهم ، وقيامهم ، في كل شيء حال حياتهم ، وعند مماتهم ، وحتى بعد موتهم .
ومن القواعد العامة والهامة التي وضعتها الشريعة للوقاية من الأمراض والقضاء عليها ما يلي :
1) الأمر بالمحافظة على الصحة
حيث أكدت الشريعة الإسلامية على أن الوقاية دائماً هي خير من العلاج ، فالإنسان الذي يحافظ على صحته يكون أقل الناس عرضة للمرض ، ومن ثم فقد أمرت الأحاديث النبوية الشريفة بالتزام أمور ، وحذرت من أخرى ، ونبهت إلى ثالثة ، وذلك كالآتي :
الصفحة 4 من 17