الملخص
تمثل المؤسسات التربوية عامةً قطب الرحى في عملية بناء وعي الإنسان وتشكله. ومن بين هذه المؤسسات، تأخذ المؤسسات الجامعية دورًا يتميز بالأهمية والخصوصية، وذلك لأن الجامعات في مستوى أدائها وتطورها كانت وما زالت تشكل قاطرات التاريخ نحو العلم والديمقراطية. ففي أحضان الجامعات نمت الحركات الديمقراطية، وتفتق العقل البشري عن طاقاته الإبداعية في مختلف الميادين والاتجاهات، وهذا هو المنطلق الذي جعل عددًا كبيرًا من الباحثين والمفكرين يعتقدون أن مستوى تطور مجتمع ما مرهون إلى حد كبير بمستوى تطور جامعاته.
ومن خلال هذا المقال، نستعرض وجهات النظر المختلفة حول دور الجامعة في تشكيل الوعي السياسي للطلاب، وأهمية دور الجامعة في ذلك الميدان، وما يمكن أن تقوم به الجامعات العربية في ذلك المجال خصوصًا في أعقاب ثورات الربيع العربي، وما شهده الكثير من البلاد العربية من مظاهرات، وصراعات، وحروب تتزايد فيها أهمية تنمية الوعي السياسي والديمقراطي بين جموع الشباب، باعتبار أنهم القوى الدافعة لحركة المجتمعات العربية وتقدمها.
أعتقد أن بلدي الجزائر وهي لبلد الذي لو نظرت إليه في كرة الأرض البلاستيكية، والذي مساحته تبلغ2.381.741 كلمتر مربع، فهي تطل على البحر الأبيض المتوسط ،كأنها جوهرة تاج العالم.
الجزائر التي قال عليها أحد رجال الأعمال المصريين بأنها دولة قدراتها قد تصل إلى المريخ، ما الذي يجعلني أنا كجزائري أتفاءل وأتمنى أن أشاهدها عام 2025م دولة قوية تماثل الدول الآسيوية، رغم تشاؤم الكثير من المفكرين الجزائرين، لأن الجزائر بلدي قادر على التطور والخروج من كل أزمة، فهي البلد العربي من بين الدول العربية التي خاضت حرب تحرير ضد احتلال دام أكثر من 130 سنة، وأتذكر في عام 2002 عندما أحرج أحد الصحفين إسحاق ربين القيادي المشهور في الكيان الصهيوني، بسؤاله قائلا له: (نحن بقينا 132 سنة في الجزائر، وكنا نعتقد بأنها مقاطعة فرنسية، لكن الجزائرين في الأخير استفاقوا وأخرجونا) وأتذكر جيدا إجابة ربين باللغة الفرنسية (الحمد لله الجزائر ليست فلسطين)، تعجبت من كلمة فلسطين فهو لم يقل أرض إسرائيل بل قال فلسطين وليس من ربين أن يزل لسانه بكلمة مثل كلمة فلسطين، لكن في الاخير تذكرت بأنه محتل جديد يخاطب محتل قديم، بلغة المحتلين.
مقدمة:
تعددت أسباب فهم مسألة المخاطر واستفاض حولها النقاش وكثرت بخصوصها زوايا النظر. وهي الأمور التي تجد تفسيرها أولا في كون دراسة المخاطر أضحت علما قائم البنيان، متعدد المستويات science pluridisciplinaire يسبر الأغوار العميقة لشتى تخصصات العلوم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والاستراتيجية، كما يمتح منها مختلف الآليات المنهجية التي يتوسل بها في تحليلاته ودراساته المتعلقة أساسا بمفهوم "المخاطرة" كمفهوم متعدد الأبعاد[1]، ثم ثانيا بالنظر إلى التصنيفات المتنوعة والتيبولوجيات المتشعبة المرتبطة بالمخاطر :السياسية،الاقتصادية، البيئية، الطبيعية، الأمنية ...والتي تحتم على كل نوع من هذه المخاطر البحث عن النمط الخاص للتعامل معه؛ حيث يفتح تصنيف المخاطرة عالما على جانبي التمييز الواضح بين المعرفة وعدم المعرفة ، بين الصحيح والخطأ، الخير والشر. فقد تشذرت الحقيقة الواحدة إلى مئات الحقائق النسبية التي نتجت عن القرب من المخاطرة والتأثر بها [2] .ثم ثالثا وأخيرا، لاعتبار هذا التعامل المنتظر من التفكير في مجابهة المخاطر المحدقة يستلزم بالضرورة طرح جوانب "فهمية" متعددة كمدخلات لإيجاد الصيغ التدبيرية الناجعة كمخرجات على مستوى أية مخاطرة من المخاطر المحتملة [3].وهي المخرجات التي غالبا ما تصطدم برعونة جديدة واستهتار بالمخاطرة بسبب فشل مواصفات وشروط حسابها ومعالجتها مؤسسيا[4]
لقد شاع في الكتابات السياسية والقانونية، والدراسات الاجتماعية أن عهد الإنسان بالوثائق والشرائع التي بلورت حقوقه الإنسانية، أو رسمت ملامح المبادئ الإنسانية العامة، قد بدأ بإعلان حقوق الإنسان والمواطن "La Déclaration des droits de l'Homme et du citoyen" الذي ظهر عام 1789م، ويؤكد الغربيون أنهم استمدوا تلك الحقوق من مبادئ الثورة الفرنسية الكبرى التي أطاحت بالملكية والإقطاع.
فدخلت مضامينها ميثاق الأمم المتحدة سنة 1934م، ثم أفردت دوليًا بوثيقة خاصة هي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي أقرته الأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948م.
ذلك هو التاريخ الشائع لنشأة مواثيق حقوق الإنسان التي ما فتئ العالم يدندن باسمها. لكن إذا نظرنا إلى تاريخ الإسلام نجد أنه تقرر إعلان المبادئ الإنسانية العامة في أول دستور للدولة الإسلامية في المدينة المنورة، وأذاع بها رئيس الدولة وهو رسول الله - عليه الصلاة والسلام - في خطبة حجة الوداع، والتي سبقت إعلان الأمم المتحدة بأكثر من أربعة عشر قرنًا من الزمن.
لذلك؛ ونحن بصدد التعريف بهذه المبادئ السمحة كما بيناه في شقه الأول من المقالة الأولى حول "وثيقة السلام"، ولكي نربط السابق باللاحق؛ تأتي هذه المقالة الثانية مبرزة الدور الأساسي من بناء مجتمع متسامح متكافل في حدث شبيه بالمعاهدات السياسية الدولية البارعة، التي أبدع فيها عليه الصلاة والسلام حلولاً يسيرة وموفقة، وكان يعقدها مع خصومه في إقرار السلم والأمن لتحقيق التعايش؛ جاءت معاهدة "صلح الحديبية"، التي أبرم فيها صلحًا تاريخيًا حلت به الهدنة محل الحرب التي ظلت قائمة لستة سنوات، وبذلك أمنت الطمأنينة والحرية للناس.
ومنذ ذلك الحين عرف المجتمع الإسلامي قواعد تحكم علاقاته الدولية واتصالاته بالأمم والدول الأخرى، وهي مستوحاة أساسًا من الشريعة الإسلامية بمختلف مصادرها ومواردها، أو من المعاهدات أو الاتفاقات الدولية التي ترتبط بها الدولة الإسلامية مع غيرها من الدول المجاورة، سواء كانت في حالة حرب أو سلم.
وقد تطورت دعائم القانون الدولي والعلاقات الدولية الإسلامية، وتوطدت أركانها وتنوعت أغراضها ووسائلها، تبعًا لتطور الأحوال الداخلية ومتغيرات البيئة الدولية.
لذلك صيغة هذه المقالة لإبراز الأبعاد الإنسانية في معاهدات الرسول - صلى الله عليه وسلم - لتكون دعوة هادفة إلى ترسيخ القيم والمبادئ الإنسانية، وإرساء نظريات التسامح من أجل تعايش كريم بين مختلف شعوب العالم المعاصر، وقطع الطريق على النظريات الصدامية الرامية إلى إرباك الوئام والسلام العالمي، وإضرام نار الحروب بين بني البشر، وإعاقة المسيرة الكونية عن الرقي الإنساني.
لقد عقد رسول الله عديدًا من المعاهدات لإيجاد حالة الصداقة وحسن الجوار مع القبائل المجاورة للدولة الإسلامية، كما عقدت معاهدات السلام وترك القتال مما يعود بالنفع على المسلمين بشكل خاص وعلى البشرية عامة.
وسأورد هنا أهم الأحداث التي كانت سببًا لإبرام الصلح الذي اصطلح عليه فيما بعد بـ"صلح الحديبية".
لقد جاء تفكير المسلمين في زيارة المسجد الحرام بداية لمرحلة متميزة في تاريخ دعوتهم، فقد عزموا على دخول مكة وهم الذين طُردوا منها بالأمس وحوربوا حيث استقرت بهم النوى، وظلت حالة الحرب قائمة بينهم وبين قريش لم تسفر عن نتيجة حاسمة.
فالنبي أراد بهذا النسك المنشود إقرار حق المسلمين في أداء عبادتهم، وإفهام المشركين أن المسجد الحرام ليس ملكًا لقبيلة تحتكر القيام عليه ويمكنها الصد عنه، فهو ميراث الخليل إبراهيم، والحج إليه واجب على كل من بلغه أذان أبي الأنبياء من قرون.
وإحرام النبي وصحبه بالعمرة فحسب آية على الرغبة العميقة في السلم، وعلى الرغبة في نسيان الخصومات السابقة، وتأسيس علائق أهدأ وأروق. وبذلك القصد السمح المهذب، استنفر رسول الله جمهور المسلمين وأعراب البوادي، وآذنهم أنه يريد العمرة ولا يريد قتالاً. لكن فريقًا من السفهاء حاول أن يشعل المعركة بين المسلمين وقريش، أما المسلمين فقد لزموا الهدوء وملكوا أعصابهم.
فأسرعت قريش إلى بعث سفيرها "سهيل بن عمرو" لعقد الصلح، فلما رآه عليه الصلاة والسلام قال: "قد سهل لكم أمركم، أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل" فجاء سهيل وتكلم طويلاً، ثم اتفقا على قواعد الصلح و هي كالآتي:
أولاً: الرسول – صلى الله عليه وسلم – يرجع من عامه هذا، فلا يدخل مكة وإذا كان العام القادم دخلها المسلمون فأقاموا بها ثلاثًا، معهم سلاح الراكب، السيوف في القرب، و لا تتعرض قريش لهم بأي نوع من أنواع التعرض.
ثانيًا: وضع الحرب بين الطرفين عشر سنين، يأمن فيها الناس، ويكف بعضهم عن بعض.
ثالثًا: من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، و من أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه.
رابعًا: من أتى محمدًا من قريش من غير إذن وليه رده عليهم، ومن جاء قريشًا ممن مع محمد لم يرد عليهم.
ومن أهم الوقائع التي حدثت في "صلح الحديبية" والتي تبين مدى تحلي الرسول – صلى الله عليه وسلم – بالتسامح الإيجابي الذي يرى فيه المستقبل للمسلمين وغيرهم، وإن تنازل عن بعض حقوقه القريبة فسوف ينالها في المستقبل القريب عظيمة ومضاعفة.
جاء سفير قريش "سهيل بن عمرو" فقال: هات اكتب بيننا وبينك كتاب، فدعا النبي الكاتب، فقال: اكتب باسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل: أما الرحمن فو الله ما أدري ما هو، ولكن اكتب باسمك اللهم، كما كنت تكتب.
فقال المسلمون: والله لا يكتبها إلا باسم الله الرحمن الرحيم، فقال رسول الله: اكتب باسمك اللهم، ثم قال: هذا ما قضى عليه محمد رسول الله، فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله، فقال النبي: والله إني لرسول الله، وإن كذبتموني، اكتب محمد بن عبد الله على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به، فقال سهيل: لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغنة، ولكن ذلك من العام المقبل، فقال سهيل: على ألا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا.
تلك كانت معاهدة صلح الحديبية، وذلك كان خلق الرسول الكريم الذي تميز به عن غيره من الخلق، حيث أثبت فيما عقد من المعاهدات أنه عامل الطرف الآخر معاملة حسنة، وكان من شأنه أن لم يستبد، ولم يمل الشروط بدافع الانتقام والغيظ والغرور بقوته. وكان إذا عاهد مع المغلوبين عاهد كريمًا، فأقرهم على عقائدهم وشعائرهم، وأمر برعايتهم والمحافظة على أموالهم ووفر لهم حرياتهم.
إنها ميزة التسامح التي تخلق بها مع أعدائه في تنظيم سياساته الخارجية والداخلية، فكانت نبراسًا يستنير به أصحابه من بعده، فشيدوا بها نظمًا وقوانين تسع العرب والعجم، باختلاف أعراقهم و أجناسهم وأديانهم، فعاشوا في رحابة تسامح المسلمين، وتعايشوا في أرض قيل عنها أنها أرض التناقضات في كل شيء، لكنها صارت أرض التعايش والسلام.
المراجع المعتمدة:
1) فقه السيرة النبوية، منير محمد غضبان، 1419هـ، مطابع جامعة أم القرى، مكة المكرمة.
2) السيرة النبوية دروس وعبر، د. مصطفى السباعي، الطبعة الثامنة، 1429هـ – 2008م. دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، القاهرة.
3) الرحيق المختوم، صفي الرحمن المبارك فوري، الجامعة السلفية – الهند. ط1429هـ- 2008م. دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. بيروت- لبنان.
4) ويكيبيديا الموسوعة الحرة: الإعلان الذي أصدرته الجمعية التأسيسية الوطنية في 26 أغسطس 1789.
اللحظة "المدنية" ووفق سياق تاريخي متطور، هي لحظة بناء سلطة " مضادة " سلطة ثائرة. فمؤسسات المجتمع المدني وبحكم غاياتها النبيلة والهادفة، تلف في طياتها ومند غابر الأزمان، عناصر إيجابية، تجعلها بحق، حاملة لواء التغيير ومشعل التطوير، وتمكنها من الرفع من عوامل نجاح التفكير الجمعي والتدبير الجماعي للمشاكل المطروحة، كل ذلك في إطار رؤية موحدة لكل فئات الشعب ولكل الفضاءات الإجتماعية التي يمثلها.
إن القارئ للتاريخ يعرف بأنه في الحقيقة ليس هناك قوانين تحكم التاريخ؛ إلا قانونًا واحدًا وهو قانون العناية الإلهية، ولأنني أكتب الكتب الممنوعة من النشر في بلدي الجزائر، ولا توجد دار نشر واحدة ـ حسب علمي ـ قبلت نشر عمل من أعمالي، أو حتى قصة قصيرة، فأنا بالنسبة لهم (ابن حداد) وأبناء الحدادين مشهورون في التاريخ بأنهم يسبّبون المشاكل، وقد يصلون للحكم. والأمر الثاني أنني من طبقة المواطنين؛ لأنه في الجزائر ـ للأسف ـ عرفتُ نظام الطبقات، مثل الممالك القديمة، لكن في الجزائر هناك طبقتين: طبقة الحكوميين، وهم الذين يحكمون البلد ويسيطرون على كل شيء، ويحتكرون السلطة والثروة، مخالفين المقولة التي قالها المفكر راسل: (الديمقراطية هي العدل في توزيع السلطة والثروة) والحقيقة هم يتجاوزون مليون جزائري يمتلكون حسابًا بريديًّا تصب فيه رواتبهم كل شهر؛ لهذا فهؤلاء أغلبهم ينتمون إلى حزب جبهة التحرير الوطني لكن ليس هذا الحزب ورث التسمية من الجزائرين الذين كافحوا الاستعمار الفرنسي لهذا تجد كلمة جبهة التحرير، ولا بأس أن نقول بأنه الآن تحوّل إلى شبه نادٍ للراغبين في الوصول إلى السلطة من الحكوميين. أما الطبقة التي أنتمي إليها أنا وأغلب الجزائرين هي طبقة المواطنين الذي لا يمتلكون حسابًا بريديًّا ولا يتلقون رواتب من الحكومة هؤلاء هم في الحقيقة ـ إن لم أظلمهم ـ هم شعب الجزائر الحقيقي،
مقدمة:
إن سؤال التجلي يظل سؤالاً محوريًا في هذه الدراسة، باعتبارها دراسة تتوخى إماطة اللثام عن الإرهاصات الأولية لتجلى مفهوم "الحكامة"، ومدى تبلور أبعاده وانبثاق مبادئه ببلادنا، وهي الإرهاصات التي تجعل من نمط الحكامة بالمغرب نمط حكامة في حالة انتقال، أو ما يمكن تسميته بـ"الحكامة الإنتقالية"، باعتبار المغرب لا يعيش في الوقت الحالي تجسيدًا حقيقيًّا للحكامة، بأبعادها الإيجابية المتعددة، حكامة ممأسسة، قائمة الوجود - رغم تأكيد دستور 2011 على دسترة آلياتها، كخطوة أولى نحو ترسيخ أسسها ومبادئها في عمق التحول السياسي، الذي ما فتئت تعرفه بلادنا - وإنما يعيش في ظل التأسيس لنظام "حكامة" انتقالي/إرهاصي يعرف مخاضات النشأة والتبلور والتحول من حكامة سيئةMauvaise Gouvernance) ) إلى حكامة جيدة .(Bonne Gouvernance)
الصفحة 3 من 104