أولاً: البدايات الفكرية للقوة الذكية –الناعمة– الصلبة. تعد القوة الذكية من الأطروحات الحديثة نسبيا في الفكر الإستراتيجي الأمريكي الذي لطالما بحث عن التجدد الدائم في بطون الأفكار لكي يخرج لنا بأطروحات فكرية نموذجية متكاملة تكون بصيغة نظريات أو مشاريع او إستراتيجيات تأخذ طريقها إلى المجال التطبيقي من قبل مختلف الإدارات الأمريكية التي تعاقبت على الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث ظهر مفهوم القوة الذكية بعدما أصيبت الولايات المتحدة الأمريكية بخيبات أمل عسكرية في منطقة الشرق الأوسط بعد أحداث 11/أيلول/2001، خصوصًا في العراق وأفغانستان، وقد سبق أن تحدث "جوزف ناي "في بداية التسعينات وتحديدًا في عام 1991 في كتابه الموسوم بـ"القوة الناعمة" الذي يمثل أوائل الأطروحات الفكرية في مجال الفكر الإستراتيجي الأمريكي بعد الحرب الباردة. حيث روج هذا الكتاب على لسان كاتبه لفكرة القوة الناعمة التي تعني التعويل على وسائل غير عسكرية في ترسيخ الهيمنة الأمريكية في العالم، بحيث تعد العولمة بشتى تفرعاتها -السياسية والاقتصادية والثقافية- أداة من أدوات القوة الناعمة التي تحدث عنها ناي، ومن بين أهم أدواتها أيضا (الدبلوماسية الشعبية) والتي تعني التواصل بين جميع الثقافات حول العالم للاشتراك في حل المشاكل الكونية التي تهدد الكوكب، والتي تروج لضرورة إشراك الشعوب بالحكم عن طريق بث روح الديمقراطية في هذه الشعوب وتشجيعهم على المطالبة بحقوقه، ودعم الحريات وضرورة الحصول على أكبر قدر من الديمقراطية، بالإضافة إلى دعم الحركات التي ترغب بالتحرر والانفصال وتقرير المصير. وهناك أمر مهم جدًّا؛ الأمور التي أراها في جوهر"القوة الناعمة" وهو تشجيع الانقلابات والثورات وإحداث التغييرات في العالم عبر ممارسة هذا النوع من النفوذ الخفي وغير المباشر في التأثير على الشعوب والأمم، عبر مؤسسات تدعمها الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم ولها مقرات في الكثير من الدول، كالأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وكمؤسسات الهجرة والمؤسسات التي تُعنى بحقوق الإنسان والديمقراطية، والمنظمات التي تعنى بمجال التكنولوجيا، والمنظمات التي تشجيع الدراسة في أمريكا عبر مشاريع مختلفة كمشروع فولبرايت الذي يطبق في العراق حاليًّا، ومشروع التبادل العلمي والتكنولوجي من خلال المكتبة الإلكتررونية العراقية الأمريكية والمرتبطة بالكونكرس بشكل مباشر، والتي تمكن الكثيرين من الاطلاع على آلاف الكتب والمقالات والبحوث في شتى مجالات البحث العلمي، وكل ذلك يدخل من ضمن ما يسمى القوة الناعمة.
تعلمنا من أساتذتنا خلال الدراسة الأكاديمية لحقل الإستراتيجية، أن الدول ذات الإستراتيجيات العظمى تسعى إلى تحقيق أهدافها بشتى الوسائل، وهذه الوسائل ناتجة عن إمكانية موظفة نتج عنها قدرة تمكنها من لعب دور لكي تبحث عن مكانة لها لتحقيق أهدافها، بمعنى أن الدور الذي تريد أن تلعبه دولة ما في النظام الإقليمي المحيط بها أو النظام الدولي (العالمي) هو نتاج لتسخير واستغلال الموارد المتاحة، والعمل على توظيف الموارد غير المستغلة بما يؤهلها إلى أن تصنع لنفسها دورًا نتج عن توظيف إمكانياتها للبحث عن مكانة في النظام الإقليمي أو الدولي، من خلال السعي الدؤوب لتحقيق الأهداف المرسومة إستراتيجيّا، وهذه الأهداف يكون لها صلاحية ومدة معينة وهي تسمى بـ (صلاحية الأهداف) أي المدة المحددة لإنجاز الهدف، وفقا لعملية تخطيطية لبيئة الهدف الإستراتيجي، وبالطبع عملية التخطيط الإستراتيجي للأهداف مسبوقة بعملية تحليل بيئة الهدف الإستراتيجي الداخلية والخارجية، أي الاطلاع على كافة الفرص والتهديدات وتشخيص نقاط القوة والضعف في هذه البيئة، والأخذ بعين الاعتبار كافة المتغيرات التي من الممكن أن تؤثر في أداء الهدف الإستراتيجي، لكي يكون الفعل الإستراتيجي ذو كفاءة عالية ومردود يتناسب مع ما وُظف له من إمكانيات لغرض النجاح الإستراتيجي، هذا من جانب، أما من جانب أخر هناك خطورة على أي هدف يُعلن، وهذه الخطورة تعني عدم تحقيقه في المدة المحددة وبالتالي حدوث تشوه أو انحراف إستراتيجي في معالم الهدف، ويُعزى هذا التشوه أو الانحراف عن المسار المرسوم له هو نتيجة لضعف الرؤية المستقبلية التخطيطية لظروف البيئة الإستراتيجية المراد توجيه الهدف نحوها، وكذلك عدم تقسيم الهدف الإستراتيجي إلى مراحل، والتي تدعى "الأهداف التكتيكية" المرحلية التي هي بمثابة سلسلة متصلة مع بعضها بحيث لا يمكن الانتقال من هدف مرحلي إلى آخر دون نجاح الهدف الأول، وقيمة هذا النجاح تبنى على أساسها بداية الهدف المرحلي الثاني الذي يعتمد على معطيات نجاح الهدف المرحلي الأول، أي أن النتائج التي كانت متوقعة لن تتحقق بسبب عدم نجاح الأهداف المرحلية التكتيكية بشكل متتابع، وأيضا ضعف في المساحات الذهنية للمخطط الإستراتيجي وعدم شموله لكافة المتغيرات التي من الممكن أن تجعل من الهدف بمثابة مستنقع تغرق فيه عقول المفكرين الإستراتيجيين.
إبعاد الشعب عن المشاركة فى الحياة السياسية وممارسة الديمقراطية الحقيقية عمدًا، يعد واحدة من كبرى الجرائم التى اقترفها النظام المصري السابق بقيادة "مبارك" بحق أبناء هذا الوطن على مدار ثلاثين عامًا مضت مثلت فترات حكمه المشؤوم. إن ما قام به الرئيس المخلوع من جرائم عديدة كتقييد الحريات، كبت الرغبات الجماهيرية المشروعة وتزوير عمليات الاقتراع المختلفة، بل وتزييف الحقائق بشكل منهجي منظم غير مسبوق من قبل أفراد بطانته، لا سيما ثعلبه الماكر "صفوت غير الشريف" الذى لطالما تباهى بنزاهة الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت فى عام 2010 عقب إعلان نتائجها والتى زُورت بشكل كامل قائلاً: "هذه أنزه انتخابات فى تاريخ مصر، وسيتحدث عنها التاريخ" وها قد صدقت نبوءته! وأضاف أيضًا متفاخرًا بنظافة يده المصطنعة: "إحنا مش على راسنا بطحة" وكشفت لنا الأيام بعد ذلك أن رؤسهم جميعًا كانت مهشمة تمامًا!
انسحب الأكراد من مؤتمر اسطنبول بحجة أنهم يطالبون بإزالة كلمة "العربية" من اسم الجمهورية العربية السورية، هذا أغرب موقف يصدر عن الأكراد السوريين والعرب برأيي! فالأكراد نسلاً وعرقا هم مشوبين بالعروبة، وهم مخطئون، إنهم يقلدون أكراد العراق الذين فصلوا العروبة عن مناطق تواجدهم في الشمال، لكن العروبة شرف ورفعة حتى للأكراد جميعهم ونخبرهم بأنهم بحاجة للعروبة أيضًا، وسوف يكتشف بعضهم صحة ما أقوله بعد عقود أو قرون.
تولى قبل أيام الدكتور نبيل العربي وهو مواطن مصري منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، وهو المنصب الذي شغر بانتهاء ولاية عمرو موسى الأمين العام السابق للجامعة العربية، والذي وصفت سنوات ولايته الست بأنها عجاف جراء سوء الأوضاع العربية على كافة الصعد المختلفة.
ليس من نافلة القول الحديث عن عقم مؤسسة جامعة الدول العربية في شكلها الحالي. لقد فقدت هذه المؤسسة مصداقيتها أمام الشعوب العربية التي تطالب بإصلاح جذري لها، وإعادة هيكلتها بما يخدم مصالح الأمة العربية التي تضررت كثيرا جراء حالة الجمود التي ابتليت بها. إن الجماهير العربية تسأل الله العلي القدير أن تكون ولاية أمينها العام الجديد فيها صلاح هذه المؤسسة.
عزيزتي الثورات، جلست أحصي فوائدك العظيمة وأتأمل مزاياكِ الفريدة وأمحص معانيكِ الجديدة فوجدت ما وجدت!
- في الأمس يا عزيزتي، كنا نتهامس ونقول: انتبهوا "للحيطان آذان"، واليوم يا عزيزتي، أصبحت "الحيطان" تتكلم وتقول: اصدحوا ولتسمع "الآذان"!
- في الأمس يا عزيزتي، كان أهلنا يتذمرون من طول جلوسنا على "النت"، واليوم يا عزيزتي، أصبحت أمي "فيس بوكية" وأبي يتساءل: "ما جديد الثورة في النت؟"
- في الامس يا عزيزتي، كان يحكي الرجال في الديوانيات عن أخبار المباريات وأحدث السيارات، والنساء في التجمعات يحكين عن آخر الموضات والصرعات، وأنت اليوم أيتها الثورات وحّدتِ حديث الساحات، غريبٌ ما صنعتِ!
الصفحة 10 من 104