ليس ثمة فرق كبير بين الولايات المتحدة الأميركية ، والإتحاد الأوروبي ، فيما يخص الإستيطان الإسرائيلي في القدس والأراضي الفلسطينية الأخرى . الإستيطان بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية مفتوح على مصراعيه . وليس ثمة ما يحول دون استكمال مشروعه . والقدس ، وإن كانت رسميا لم تعلن عاصمة أبدية لإسرائيل ، إلا أنها تعامل على أنها العاصمة الفعلية لها .
هذه الحالة الفلسطينية التي يعيشها الفلسطينيون بين «فتح» و «حماس» تمثل أبلغ صور التعبير عن حال الأمة وما غرقت فيه من تشرذم وشقاق وانتكاس وارتكاس. لقد كانت فلسطين وما زالت وستبقى بكل ما يجري فيها، سياسيا واجتماعيا وإنسانيا، المسرح الذي يقدم صورة حقيقية صادقة عن أوضاع الأمة من المحيط إلى الخليج.. هذا العنف الإنساني الذي يبلغ حدّ الإجرام قسوةً، وهذه المبالغة في رفض الآخر والتي تبلغ حدّ إهدار الدم، وهذا العناد الخطير الذي بلغ حدّ تدمير كل المكاسب التي كان قد حققها الفلسطينيون جميعاً بدمائهم وأشلائهم وآلامهم ومعاناتهم وقهرهم وصمودهم مئة عام.
للاستماع إلى هذه المقالة بصوت الكاتب:
{play}/audio/Nashiri_Osama_Open_Boxes.mp3{/play}
{enclose Nashiri_Osama_Open_Boxes.mp3}
أعرف – من تجربة شخصية ومتابعة عامة – مدى حساسية التحدث عن القضاء، حيث أنها سلطة عامة وهامة تعتبر "الحكم" في نزاعات الأفراد والدولة أحيانًا، ونزاعات الأفراد بعضهم البعض أحيانًا أخرى، لذلك يجب أن نحافظ على سمعتها واستقلاليتها دومًا لنعزز الثقة بها واللجوء إليها، فالتقاضي هو آخر إنجازات البشرية لحل المشاكل، عوضًا عن اللجوء للقوة كما يحدث في عهود الظلم.
كتبت هذه المقالة قبل الانتخابات البرلمانية، ولكنني ما زالت أراها تستحق التفكير فيها، فأسباب خوفي وحزني ومرارتي والكثيرين معي، لا تزال ماثلة أمامنا بكل بشاعتها، وأقول فيها:
إن الوطن مثل السفينة التي تحمل الجميع، فلا يملك أحدنا أن ينفرد بقيادتها بتهور، ولا يملك الآخرون الاختباء في غرفهم سائلين الله السلامة، بل إن قيادتها وصيانتها مسؤولية الجميع، مصداقًا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
الصفحة 26 من 104